ثورةٌ وليست حربًا
عنب بلدي ــ العدد 128 ـ الأحد 3/8/2014
الحرية والعدالة والعيش بكرامة.. أبرز مطالب الثورة التي خرجت في وجه الأسد، متحديةً أعتى قوى المنطقة نفوذًا؛ ولثلاث سنوات، ورغم انحراف مسار الثورة في أكثر من مكان، ما زالت نفوس الثائرين تبحث عن ترسيخ هذه المفاهيم وامتلاكها، بعد ما عانوه من تشريد وإذلال من قبل قوات الأسد أو غيره.
ولا بدّ في أي خطوة على طريق إنقاذ البلاد من مأزقها النظر في تلبية هذه المطالب للمواطنين العزل، وكذلك في مفترق الطرق الذي تعيشه داريا اليوم؛ هدنةٌ أو استمرارٌ في الصمود في وجه جحافل الأسد.. ليس مهمًا، المهم أن يحفظ القرار كرامة أهالي المدينة ومقاتليها بعد سنتين من القتال والنزوح. ولا ضير في الوصول إلى هدنة مشرفة تكمل رسم هيبة المدينة أمام تجار الدم في المنطقة، المستفيدين بالضرورة من استمرار المعارك، ثم الانتقال إلى تمكين قواعد الثائرين وترتيب أوراقهم، ورسم الاستراتيجيات السياسية والعسكرية، بنظرة بعيدةٍ الأمد توصل المدينة إلى بر الأمان.
الثورة لا تقاس –عسكريًا- بعدد القتلى والمساحة الجغرافية المسيطر عليها، ولو أن الانتصارات العسكرية تساند الثورة في تحقيق مبتغاها، إلا أن الثورة الحق تكمن في مقدار التغيير والحفاظ على النفس البشرية.
ولأنها ثورة، فستحاسب كلّ من يمارس انتهاكاتٍ باسمها؛ على غرار قصف دمشق بقذائف عشوائية لا تفرق بين مدني وعسكري من قبل بعض الفصائل، مقابلةً بذلك استراتيجية الأسد بدك المناطق المنتفضة في وجهه. الصورة ذاتها تنعكس في عرسال اللبنانية، حين تدخل مقاتلون محسوبون على الثورة السورية لإنقاذ أحد القادة العسكريين من الاعتقال، غير مبالين بكونها متنفسًا للقلمون ومستقرًا لآلاف اللاجئين السوريين، وفيها تجرى العمليات للجرحى المتضررين؛ فكيف يمكننا –من منطق الثورة- أن نقحم البلدة في أتون الحرب والتوتر الأمني.
لا زالت هذه التصرفات محدودة في صفوف المعارضة، لكنها إذا انسحبت على باقي الفصائل فإنها تمثل نجاحًا للأسد في هدم مفاهيم الثورة لدى معارضيه، وصناعة “أسود” يبادولونه انتهاكات حقوق الإنسان، ويقدمون له الذريعة أمام المجتمع الدولي لضربهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :