يصادف اليوم 18 تشرين الثاني الذكرى 224 لافتتاح متحف اللوفر العالمي في باريس، الذي مر برحلة طويلة كبناء قبل أن يستقر به المطاف أخيرًا، جامعًا للفنون من شتى أنحاء الأرض.
فالبداية كانت خلال الحروب الصليبية التي شنتها أوروبا على بلاد المشرق من عام 1096 إلى 1291، في القرون الوسطى، بهدف انتزاع بيت المقدس من أيدي المسلمين والعرب.
خلال تلك الفترة شارك أحد ملوك فرنسا، واسمه فيليب أوغست، في الحملة الصليبية الثالثة على المشرق، ولأن هذه الفترة شهدت تقلبًا في التحالفات، شملت اقتتال أمراء الحرب فيما بينهم.
فأمر أوغست ببناء قلعة لحماية المدينة من أي هجوم غادر أثناء غيابه، وهكذا ظهرت قلعة اللوفر لأول مرة بالقرب من نهر السين في باريس.
ومع وصول الملك فرانسوا الأول إلى الحكم عام 1515، بدأت الملامح الأولى للوفر بوصفه متحفًا تظهر للعيان، حيث جمع في القلعة التي تحولت إلى قصر ملكي، 12 لوحة فنية، كان من بينها لوحة “الموناليزا” الشهيرة، للرسام الإيطالي ليوناردو دافنشي.
لا تخلو ذاكرة اللوفر من أحداث غريبة، فالملك هنري الرابع الذي حوله إلى مدينة فنانين، استغرق 16 عامًا في بناء رواق ليصله بقصر على مقربة منه اسمه “تويلري”، ليتم اغتياله فيه عام 1610.
وفي عهد الملك لويس الرابع عشر أصبح اللوفر أشبه بمتحف ملكي للطبقة الحاكمة فقط، وهجره الملك ليستقر في قصر “فراساي”، لكن مقتنيات اللوفر تضاعفت لتصل إلى 400 لوحة، واستضاف عروض مسرحية لموليير.
وبعد قيام الثورة الفرنسية، أعلنت الجمعية الوطنية أن اللوفر يجب أن يكون متحفًا وطنيًا لروائع الأمة، وفي 18 تشرين الثاني 1793 فتح اللوفر أبوابه لعامة الناس.
شهدت الثورة الفرنسية انتكاسة لقيمها الديمقراطية والإنسانية حين أعلن نابليون بونابرت نفسه امبراطورًا على البلاد.
لكن الامبراطور الجديد أراد أن يضع بصمته على اللوفر أيضًا، فسماه “متحف نابليون”، وعلق لوحة “الموناليزا” فوق سريره، إلى أن سقط على يد تحالف روسي نمساوي بريطاني عام 1815.
حادثتان خطيرتان شهدهما اللوفر بعد ذلك أيضًا، تمثلت الأولى بسرقة لوحة “الموناليزا” لمدة عامين سنة 1911، والثانية كانت عام 1940 حين وصل النازيون إلى باريس، فاستخدموه كمستودع لحفظ الأعمال الفنية المنهوبة.
يعتبر متحف اللوفر اليوم أكبر متحف في العالم، يحوي 380 ألف قطعة أثرية، بالإضافة إلى معارض تمتد على مساحة 60 ألف متر مربع.
واستفاد اللوفر من شتى الحروب التي شنها الأوروبيون، إذ يضم اليوم أعمال فنية كان قد سرقها الغزاة من شتى بقاع الأرض، بما فيها أعمال وآثار عربية وإسلامية وفرعونية ومسيحية قبطية.
المواضيع الفنية التي يعرضها اللوفر اليوم تغطي نحو 2500 سنة من تاريخ الإنسانية، في فترة تمتد من القرن السادس قبل الميلاد إلى نهايات القرن 19.
وفي عام 2017 تم الانتهاء من بناء “لوفر أبو ظبي” بمثابة فرع ثاني للمتحف العالمي، بموجب اتفاقية مدتها 30 عامًا، وستُعرض فيه أعمال فنية من مختلف العصور.