الثورة السورية… اللاعب الغائب

  • 2014/08/08
  • 5:02 م

عنب بلدي ــ العدد 128 ـ الأحد 3/8/2014

علوان زعيتر

لا يمكن لأحد أن ينكر العلاقة بين النظام السوري وتنظيم دولة العراق والشام، والجميع يعلم كيف جعل النظام التنظيم يتمدد بتجنبه قصف مقرات “داعش”، والاكتفاء بقصف الجيش الحر والمدنيين. والرقة خير مثال لذلك، حيث سحق الجيش الحر، وتم تفكيكه بالكامل إلا من بضعة كتائب ضعيفة فرت إلى ريف حلب وتمركزت في بقعة صغيرة هناك. وبعد ثلاث سنوات من الثورة السورية، وفي ظل عدم توحيد المعارضة السياسية، وتقلص قدرات الجيش الحر، وسيطرة داعش على المناطق الشرقية والشمالية سيطرة واسعة، وبعد الصفقة الأخيرة بين النظام وداعش بمسرحية دموية بتخلي النظام عن الفرقة 17 في الرقة، وإعدام جنوده مقابل تسليم حقل الغاز للنظام في حمص، يبدو الحسم العسكري بعيدًا في المدى المنظور، نتيجة تفكك الجيش الحر وتخبط المعارضة السياسية والعسكرية في البحث عن بدائل غير واقعية، من مبادرات سياسية مهزومة ومنحنية لا تجد آذانًا صاغية عند نظام قاتل، بل وانغماسها في الإغاثة والسلاح دون تغير في موازين القوى، فلا هي استطاعت تقوية الجيش والتقدم عسكريًا على الأرض، ولا هي استطاعت سحق داعش والتمركز في مناطق محررة وإدارتها، لتقع في فخ قوى إقليمية وزعت لها أوراقًا خاسرة لتخرج نهائيًا، بل وتصل إلى حد العجز في لعب أي دور. حيث المشاريع المتصارعة داخل المعارضة، وراء الكواليس، هي مشروعية كل الأطراف التي اتفقت، ربما بإرغام دولي، أن تكون داخل مؤسسة معارضة، ولكنها تنازعت على فكرة الوطن الجديد الذي فصّله كل تجمع أو حزب أو تيار على مزاجه الحزبي والعقائدي، وكأن الدماء السورية اليومية هي فقط مجرد أوكسجين لهؤﻻء.

اللاعب الغائب هو الذي تم إقصاؤه من قبل المعارضة السياسية، وهم النشطاء الذين أجبرتهم الظروف على الخروج من الداخل، إضافة إلى من هم تحت القصف اليومي. الوحيدون الذين يستطيعون قراءة الخريطة السياسية والعسكرية هم اللاعب المغيب، المجتمع المدني، الذي اضمحل أخيرًا في الداخل في ظل وجود داعش والنظام على حد سواء، وبعد أن تم تفريغ الثورة من كل اللاعبين المؤثرين بالاختطاف أو التصفية.

الناشط الثوري يجد نفسه الآن وحيدًا في مواجهة العالم، غارقًا في همه اليومي ولقمة عيشه، وغارقًا في أحلامه بعودة الثورة إلى أبنائها، إلى البداية.

ربما سيمر وقت طويل قبل أن نشهد ظهور هذا اللاعب المغيب. لعل صرخة ما داخل المخيمات أو في داخل الوطن ستجعله يظهر من جديد ويحسم الأمر، ولن يطول الأمر بداعش مهما كانت تملك من قوة أمام ثورة شعبية منتظرة، وما فعلته المرأة الرقية منذ أيام في صفع مهاجر تونسي قد تكون بداية.

لا يمكن لقوة السلاح أن تهزم إرادة شعب أراد الحرية، وستنتهي المعادلة بخسارة أكيدة لكلا اللاعبين، النظام أو داعش، لأن كلاهما يتغذى بعضهم من بعض، فإن سقط الأول سقط الآخر معه.

داعش ليست نهاية الثورة بل نهاية مرحلة من الثورة.

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي