عنب بلدي – خاص
ما تكسبه بسرعة تخسره بسرعة أيضًا، تتقاطع هذه المقولة مع الظروف التي يمر بها تنظيم ”الدولة الإسلامية“ في الأراضي السورية، فسيطرته المفاجئة على أكثر من نصف مساحة سوريا مطلع 2014، قابلتها انسحابات متتالية في أقل من خمسة أشهر من العمليات العسكرية ضده.
كان لسقوط مدينة الرقة (عاصمة الخلافة السابقة) في يد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، في تشرين الأول الماضي، الأثر الأكبر على تهاوي جبهاته، خاصةً في محافظة دير الزور والمناطق الواصلة بها في ريفي حمص وحماة الشرقيين.
وبحسب خريطة السيطرة الميدانية، يقتصر نفوذ تنظيم “الدولة” حاليًا على مساحة ضيقة لا تتجاوز 700 كيلومتر مربع، وسط عمليات عسكرية مستمرة من جانب قوات الأسد والميليشيات المساندة لها على المحور الجنوبي والغربي لدير الزور، وأخرى بقيادة “قسد” والتحالف الدولي على الضفة الشرقية للفرات.
سيطرة غير مؤكدة على البوكمال
تصدّرت مدينة البوكمال في ريف دير الزور الجنوبي المشهد الميداني والعسكري السوري، وأعلنت قوات الأسد والميليشيات المساندة لها السيطرة الكاملة على المدينة، بعد معارك بدأتها من البادية السورية تحت مسمى “والفجر 3″، بالتزامن مع معركة مماثلة للقوات العراقية من جهة مدينة القائم.
وقالت “القيادة العامة” التابعة لقوات الأسد إن السيطرة جاءت بالتعاون مع القوات الحليفة والرديفة بعد معارك عنيفة.
لكنها لم تنشر أي صور من داخل أحياء البوكمال، واقتصرت على تسجيلات مصورة لمحاولة تقدم العشرات من العناصر على أطراف المدينة.
ولم يمض يومان على إعلان السيطرة حتى نفى تنظيم “الدولة الإسلامية” سيطرة قوات الأسد من خلال تسجيل مصور نشره من الأطراف الشرقية للمدينة.
وأظهر التسجيل الذي نشرته وكالة “أعماق”، السبت 10 تشرين الثاني، مواجهات عسكرية على أطراف البوكمال، وقال التنظيم إن قوات الأسد تفشل في اليوم الثالث في اقتحام البوكمال.
وأضاف أنها فشلت رغم كثافة القصف الجوي الروسي والسوري، إلى جانب القصف المدفعي المكثف، وسط خسائر “كبيرة” له بينها ناقلات جند ومدرعات وجرافات عسكرية.
وتمتاز البوكمال بنقاط قوة يمكن الاستناد عليها في أي عملية تهدف إلى السيطرة أو المحافظة عليها، إذ تعتبر ثاني أكبر منطقة إداريًا في محافظة دير الزور، وتعد من أوائل المدن السورية التي خرجت عن سيطرة النظام السوري، في 17 تشرين الثاني 2012.
وسيطر عليها تنظيم “الدولة” في، 27 حزيران 2014، وحولها إلى أهم منافذه مع العراق.
التنظيم ينتهي في الحسكة
بالتزامن مع الضغط العسكري الكبير الذي يواجهه التنظيم في دير الزور وريفها، سيطرت “قسد” على بلدة مركدة جنوبي الحسكة، والتي تعتبر النقطة الفاصلة بين محافظتي الحسكة ودير الزور.
وكانت “قسد” أعلنت سعيها اقتحام البلدة، منذ آذار 2016، بعد سيطرتها على الشدادي شمالها.
وتخوض القوات الكردية معارك جنوبي الحسكة، تزامنًا مع أخرى تجري ضد التنظيم في محافظة دير الزور، في محيط حقل التنك النفطي.
وتجري منذ الخميس، 9 تشرين الثاني، محاولات لاقتحام بلدة البصيرة، المحاذية لنقاط سيطرة النظام السوري في دير الزور، والتي حوصر داخلها التنظيم، إلى جانب بعض القرى الصغيرة المجاورة.
وبسيطرة “قسد” على مركدة تكون قد أنهت انتشار التنظيم، من آخر النقاط التي يسيطر عليها في محافظة الحسكة.
ومنذ تشرين الأول الماضي تقدمت “قسد” بشكل تدريجي في محيط بلدة مركدة، وعلى محور قرية الكبر شمال غربي البلدة.
وتأتي العمليات ضمن الحملة العسكرية التي أطلقتها “قسد”، منتصف أيلول الماضي، تحت مسمى “عاصفة الجزيرة”، للسيطرة على ما تبقى من أراضي الجزيرة السورية من يد تنظيم “الدولة”.
جيوب جنوبي دمشق
بالانتقال إلى الجيوب والشوارع التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة” في محيط العاصمة دمشق من الجهة الجنوبية، والتي تبقيها قوات الأسد ذريعة للسياسة المروج لها دوليًا في “مكافحة الإرهاب”، يسيطر التنظيم على أجزاء واسعة من جنوبي دمشق، التي يصفها بـ “الولاية”.
وتتركز سيطرته في حيي العسالي والحجر الأسود، ومنطقة التضامن ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين.
وتكررت الأحاديث في الشهرين الماضيين عن إخراج تنظيم “الدولة” من جنوبي دمشق، بصفقة مع قوات الأسد، أكثر من مرة، أبرزها أواخر عام 2015، وآخرها أيار الماضي، إلا أن الاتفاقية تعثّرت ولم يخرج حتى اليوم.
وشهدت المنطقة خلال السنوات الماضية، معارك كر وفر بين فصائل المعارضة والتنظيم، واستطاع الأخير فك الحصار عن الحجر الأسود، بعد توسعه في مخيم اليرموك، في نيسان 2016.