في مواجهة ابن سلمان.. هل يعود “حلف الممانعة” من جديد؟
أثارت تحركات المملكة العربية السعودية الأخيرة التي يقودها ولي العهد، محمد بن سلمان، تجاه لبنان، سلسلة من ردود الفعل الإقليمية التي قد تمهد لعودة التحالفات في الشرق الأوسط إلى مرحلة ما قبل الربيع العربي.
مع الأنباء عن وضع رئيس الوزراء اللبناني المستقيل، سعد الحريري، تحت الإقامة الجبرية في الرياض، يدور الحديث حول حرب محتملة تشنها السعودية ضد حزب الله في لبنان، وهو ما سيكون ضربة لإيران في صلب المنطقة العربية.
الأمين العام لـ “حزب الله”، حسن نصر الله، قال في خطاب متلفز بُث مساء الجمعة، 10 تشرين الأول، إن السعودية أعلنت الحرب على لبنان وعلى حزبه، “بدعم من إسرائيل التي دفعت للمملكة عشرات المليارات من الدولارات مقابل القضاء على الحزب”.
ووفق محللين سياسيين، فإن الإمارات يمكن أن تكون مشاركة في الحرب المتوقعة، كداعم أساسي للسعودية، في الوقت الذي تشارك فيه بالحصار المفروض على قطر منذ أيار الماضي، كما تبنت حملة إعلامية مكثفة للضغط على الدولة الجارة.
قطر التي لم تصدر تصريحات رسمية لإدانة التحركات السعودية تجاه لبنان، تجلى موقفها من خلال تغطيات قناة “الجزيرة”، التي بدت أقرب لموقف “حزب الله” والرئيس اللبناني، ميشيل عون، كما أثار لقاء عون مع السفير القطري في لبنان، يوم الجمعة، انتقادات واسعة، واعتبره سياسيون لبنانيون انعكاسًا لتقارب لبناني قطري من جديد.
أما تركيا التي ساندت قطر اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا منذ بدء الحصار الخليجي، فأبدت في قضية لبنان موقفًا مشابهًا لموقف قطر، إذ عبرت التصريحات التركية الرسمية عن قلق من تداعيات استقالة الحريري، ودعت لبنان إلى ضبط النفس والاعتدال.
إلى جانب التطورات الأخيرة في لبنان والتي تعتبر التجلي الأوضح للعودة إلى مرحلة ما قبل الربيع العربي، فإن التمهيد لهذه العودة ارتبط ببدء الخلاف السعودي-القطري، الذي فتح باب التحالف بين قطر وتركيا وإيران من جديد، إذ كانت محطة مفصلية في تجاوز الخلافات التي نشأت بين الدولتين نتيجة الحرب في سوريا خلال الأعوام الماضية.
كما عادت الحرب المشتركة بين إيران وتركيا ضد الكرد في المنطقة لتوحد موقف الدولتين، الأمر الذي تجلى في أحداث كركوك الأخيرة التي أدت إلى تراجع القوات الكردية إلى إقليم كردستان العراق بقوة سلاح ميليشيا “الحشد الشعبي” الشيعية، وبضغط سياسي واقتصادي وتهديد عسكري تركي.
ومع وضوح معالم التحالف القطري التركي- الإيراني، فإن شنّ حرب سعودية على لبنان سيؤدي إلى تحرك هذا الحلف بشكل مشترك للوقوف خلف “حزب الله” ضد السعودية، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
حركة حماس أيضًا يمكن أن تكون شريكًا في هذا الحلف، وذلك أنها عبرت في تشرين الأول الماضي عن تغيير موقفها من “معاداة نظام الأسد”، مؤكدةً أن علاقاتها مع إيران و”حزب الله” علاقات جيدة ولا تشوبها خلافات.
إعادة تشكيل “حلف الممانعة” القديم، يتطلب تفاهمًا جزئيًا، أو غير معلن، مع النظام السوري، الذي كان عمادًا أساسيًا وداعمًا مهمًا لهذا المحور قبل الثورة السورية، ولا يبدو الأمر مستبعدًا بعد التصريحات القطرية الأخيرة حول الموقف من الثورة السورية، والتي بدت بمثابة تبرّؤ منها، وذلك إلى جانب الحديث عن تفاهم غير معلن عنه بين تركيا والنظام السوري، وكذلك تصريحات “حماس” الأخيرة.
ويبقى الأمر رهن المتغيرات الجديدة في المنطقة، وإن كان نشوب حرب في لبنان سيكشف عن تغييرات جذرية في التوجهات السياسية في الشرق الأوسط، لكن هذه الحرب ماتزال في إطار التوقعات، والتي تبدو أضعف بعد لقاء الرئيسين الأمريكي والروسي، دونالد ترامب، وفلاديمير بوتين، اللذين وقعا السبت، 11 تشرين الثاني، اتفاقًا ينص على “تجنب الحوادث الخطيرة في الشرق الأوسط”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :