“منع في سوريا” كوميديا سوداء تستقطب السوريين

  • 2017/11/12
  • 12:05 ص

مشهد تمثيلي من مسلسل منع في سوريا - أيار 2017 (عنب بلدي)

عنب بلدي – حسن مطلق

من الصعب أن يروي شخص وجعه للناس ويضحكهم، وربما يزداد الأمر صعوبة في أوقات الحروب والأزمات، فأن تكون سوريًا تجسد لوحات كوميديا سوداء ساخرة، فهذا يتطلب منك جهدًا إضافيًا يغطي على حدود ألمك.

تدرجت سلسلة “منع في سوريا” بأجزائها الثلاثة، منذ عام 2014، وتغير تناول القضايا في لوحاتها تدريجيًا، إلى أن أصبح اليوم يستقطب السوريين على اختلاف انتماءاتهم السياسية، من خلال “سكيتشات” تلامس همومهم، بدأ عرضها ضمن الجزء الثالث، 28 تشرين الأول الماضي.

لم يستطع فريق العمل التصوير في سوريا، كما كان عليه الجزءان الأول والثاني، ويقول المخرج المشارك، خريج المعهد العالي للفنون، جهاد سقا، إنه بذل وزميله يامن نور، خريج الفنون التطبيقية، جهدًا للتصوير في حلب، “إلا أن سقوطها بيد الأسد وصعوبة الدخول إلى سوريا منعا من ذلك”.

تلك الصعوبات دعت جهاد ويامن، المقيمان في تركيا، لبناء مواقع شبيهة بما في سوريا، بمساحة 400 متر مربع، تتضمن بوابات وشوارع شبيهة بما في مدينة حلب، إلى جانب بعض اللقطات التي صوّرت في الغوطة الشرقية، بالتعاون مع بعض الناشطين، على مدار سنة وأربعة أشهر.

تمس مواضيع “منع في سوريا 3” هموم المواطن، أكثر من العسكرة وانتقاد النظام، فتعرض الفساد في المؤسسات المعارضة والموالية، وفق جهاد، ويعتبر في حديثه لعنب بلدي أنه أهم ما يميز الجزء “هو فتح الباب أمام الجميع لعرض أفكارهم وتجسيدها في لوحات”.

“أشخاص من دمشق ودير الزور وحلب وحماة ومناطق أخرى، إلى جانب آخرين من انتماءات مختلفة، شاركوا بكتابة الأفكار وتجسيد اللوحات، التي تعرض في 25 حلقة، متضمنة أربعة أفلام قصيرة، لوحات درامية، مولودراما ومونولوج، وفشة خلق، وإعلانات من الواقع السوري”.

ويعرض المسلسل برنامج مواهب في أربع حلقات، يسلط الضوء على الواقع المر، من خلال مواهب غير عادية، كـ “أبو أحمد الأمبير”، الذي يؤمّن الكهرباء، وآخر بارع في تمييز أصوات القصف، ضمن قالب كوميدي ساخر.

كادر بمجمل 28 شخصًا بين ممثلين وإداريين، عملوا وفق “خطة ذكية” لاستقطاب جميع السوريين في مناطق المعارضة والنظام، ويشير جهاد إلى أن العمل “لم يتطرق لأفكار ونداءات قديمة، بل ركز على السوريين المتضررين من فساد الثورة وظلم النظام”.

أكثر ما يشد الموالين للنظام في لوحات العمل، هوالانتقادات لأسلوب العسكر وتحجيم الجندي والتقليل من قيمته، وصولًا إلى إظهار الولاء للميليشيات الإيرانية والحلفاء، وفق المخرج يامن نور.

ويرى يامن في حديثه لعنب بلدي أن الواقع متشابه بين المعارضة والنظام “للأسف”، معتبرًا أن ما جعل من المسلسل “ماركة” في الثورة، هو بداية جميع الحلقات بما معناه “نحن على خطأ ويجب إيجاد حلول، وهذا يجذب الموالين التواقين للتعبير عن همومهم، في ظل القيود التي تكبلهم في مناطق النظام”.

يتمنى عروة قنواتي، الذي شارك في تمثيل بعض اللوحات، أن يكون العمل “وجبة خفيفة” للجمهور، على اعتبار أن الكوميديا السوداء مرغوبة شعبيًا، “رغم أن هذا الجزء لا يذهب بكثير من ملامحه نحو الثورة، إلا أن الأخيرة في عمقه”.

تجربة عروة هي الأولى تلفزيونيًا، كما يقول لعنب بلدي، مؤكدًا إلغاء بعض اللوحات “التي تحتاج مساحات واسعة كانت غير متاحة، في ظل قيود التصوير ضمن تركيا، ما دعا لاختصار أفكار كان طرحها مهمًا”.

ويعتبر مخرجا العمل أن الكوميديا اللفظية والحركية استُهلكت عربيًا، “ربما حين نتابع اليوم أعمالًا قديمة، نضحك على صغر عقل المتلقي، أكثر من جودة أداء الممثل بحد ذاته”، ويؤكدان أن “الكوميديا في سوريا تختلف عن الوطن العربي، وتكمن الصعوبة في استمرار العمل، وسط القتل الذي قد يطال الكوادر”.

“أحلامنا تتحقق”، يقول جهاد ويامن، ويتمنيان أن يأتي اليوم الذي يصبحان فيه ممثلين فقط، “تعبنا أن نكون مخرجين ومدربين، كما أن منع في سوريا محطة للجميع ولسنا الوحيدين فيه”.

مشهد تمثيلي من مسلسل منع في سوريا – (يوتيوب – Production Lamba)

مقالات متعلقة

فن وثقافة

المزيد من فن وثقافة