ريف حمص – مهند البكور
عملت المرأة في مجالات عدّة خلال الثورة السورية، وكان لها وجود في المؤسسات التعليمية والإغاثية والطبيّة، على خلاف المجال الإعلامي الذي ندر عملها فيه، خاصةً في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية في محافظة حمص.
جاء افتقار حمص للنساء الإعلاميات، على خلفية العادات والتقاليد التي ترفض الأعمال التي تفرض على المرأة الظهور و”الاختلاط” والتنقل من منطقة إلى أخرى.
ورغم ما سبق، لم تنقطع المشاركة النسائية في الإعلام بشكل نهائي، وطفت على واجهة حمص الإعلامية أسماء ثلاث نساء كان لهن دور بارز في تغطية الأحداث اليومية، سواء عن طريق التقارير المصورة أو المكتوبة.
سما السباعي وثقت حصار حمص من الخارج
لم تستطع الناشطة الإعلامية سما السباعي أن توثق أحداث مدينة حمص وانتهاكات النظام لحقوق الإنسان فيها من الداخل، لكنها أصرت على تقديم أي شيء من شأنه إيصال صوت المدنيين والمحاصرين إلى الوكالات الإعلامية والقنوات التلفزيونية.
تبلغ السباعي من العمر 33 عامًا، وبدأت العمل الإعلامي في الأشهر الأخيرة من عام 2011، كمتعاونة مع قناة الجزيرة، من خلال تزويدها بالأخبار وأشرطة الفيديو التي تناسب التقارير الميدانية.
وقالت سما في حديث لعنب بلدي إنها، وعقب عام من انطلاقتها في المجال الإعلامي، شهدت نقلة نوعية من العمل الفردي إلى العمل الجماعي، وعملت مع “مركز صدى الإعلامي”، وكانت إحدى الأعضاء المؤسسين لـ “مركز حمص الإعلامي”.
تواجه الناشطة عوائق تتمثل في صعوبة التواصل مع الناشطين في الداخل، وعملية الحصول على المعلومات، إضافةً إلى عقبات أخرى، أهمها رفض المحيط الاجتماعي الذي تعيش فيه عملها في مجال الإعلام، تحت مقولة “كيف لامرأة أن تعمل إعلامية في هكذا ظروف”.
وقالت سما إنها لا تجد أي مشكلة في عمل المرأة كإعلامية، كون الشاب والفتاة قد يشكلان فريق عمل مميز، فالناشطون يوثقون ما يحدث في الميدان والناشطات يعملن في تحرير المواد الصحفية ونشر توثيقاتهم.
جودي عرش من حمص إلى ريف حلب
حملت الإعلامية جودي عرش، البالغة من العمر 24 عامًا الكاميرا منذ العام الثاني للثورة، ووثقت حصار حي الوعر الذي نشأت فيه، إلى أن خرجت منه في أيار الماضي إلى مدينة الباب في ريف حلب الشرقي.
وتقول لعنب بلدي، التي عملت فيها كمراسلة في وقت سابق، إنها كانت تطمح إلى إنهاء دراستها الثانوية، وأن تلتحق بكلية الهندسة المعمارية، إلا أن اندلاع أحداث الثورة كانت نقطة تغيير في حياتها.
اعتقل الأمن العسكري في حمص جودي منتصف شباط 2012، أثناء محاولتها إدخال المساعدات إلى الحي، ليستمر الاعتقال 14 ساعة فقط، تعرضت خلالها للضرب والتعنيف الجسدي والنفسي.
وتضيف “بعد الاعتقال عدت إلى حي الوعر، الذي انتقلت فيه من بيت إلى آخر خشية من الاعتقال مجددًا، وصولًا لخروج لوعر عن سيطرة النظام السوري بالكامل عام 2013”.
لاقت الناشطة صعوبة كبيرة مع بداية عملها، فالفتيات اشتهرن بالعمل في المجالين الإغاثي والطبي، ولم يكن في حمص كلها سوى ناشطة في حمص القديمة وجودي في الوعر.
وأشارت جودي إلى وجود صعوبة في تقبل الناس لوجودها كإعلامية وصحفية في الوعر في وقت سابق، وتعرضت لمضايقات كلامية من الكثيرين.
وئام بدرخان “جداريات الحصار“
وئام بدرخان، ناشطة ومصورة كانت ترسم على جدران حمص القديمة، وتدل أبرز لوحاتها على حلم عودة النازحين إلى الأحياء التي هجروا منها.
بقيت وئام محاصرة مع المقاتلين في حي الخالدية بحمص تنقل معاناتهم اليومية، والتي قدمها فيما بعد المخرج أسامة محمد في فيلم “ماء الفضة”، الذي عرض في مهرجان “كان” السينمائي عام 2014.
وحاولت عنب بلدي التواصل مع الناشطة الإعلامية، إلا أنها لم تتلق ردًا.
صورت وئام عدة أفلام وثائقية من حمص، وتعلمت استخدام الكاميرا عبر تجربتها على الأرض في الأحياء المحاصرة سابقًا في مدينة حمص، إلى أن غادرت المدينة مع آخر دفعة من المدنيين ومقاتلي “الجيش الحر”.
وشاركت برسم جداريات في مدينة اسطنبول التركية لتمثيل حصار حمص، كرسالة للعالم بأن “سوريا ستعود إلى أبنائها الحقيقيّين”، وفق ما كتبت عبر صفحتها في “فيس بوك”.