سامي الحموي – عنب بلدي
بعد مضي شهرين على تحريرها من قوات الأسد، تعود الحياة تدريجيًا إلى مدينة خان شيخون، وبدأ بعض النازحين عنها خلال معارك التحرير، التي بدأت فيها مع مطلع العام الجاري، بالعودة إليها، إلا أن المدينة وكمعظم مدن وبلدات الريف الإدلبي المحرر، بدأت تعاني من الفراغ الإداري والتنظيمي وتدهور في الأوضاع المعيشية والإنسانية.
- خان شيخون ومعارك التحرير
أحكمت قوات الأسد قبضتها الأمنية والعسكرية على مدينة خان شيخون بـ 23 حاجزًا منذ تموز 2012، إلى أن بدأت معارك تحريرها في شباط من العام الجاري، لتعلن المدينة محررة بالكامل في 26 أيار الماضي.
عثمان الخاني مدير المكتب الإعلامي في خان شيخون، تحدث لعنب بلدي عن أوضاع المدينة قائلًا “استمرت المعارك 4 أشهر حتى تم تحرير المدينة من الحصار الخانق والطوق الذي كانت تفرضه شبيحة الأسد”، مضيفًا أنه “خلال فترة المعارك نزح معظم سكان خان شيخون البالغ تعدادهم 75000 نسمة إلى المدن والأرياف المجاورة والمخيمات، بينما اختار بعضهم البقاء فيها رغم عدم قدرتهم على دفع تكاليف النقل والنزوح، وقد دفعوا ضريبة بقائهم وسقط العديد منهم شهداء نتيجة القصف المتكرر الذي كانت تعاني منه المدينة”.
- واقع مأساوي يرافق عودة الأهالي
عاد جزء لا بأس به من أهالي المدينة إليها بعد التحرير، بينما اختار قسم منهم البقاء خارجها، مفضلين مرارة النزوح على استهدافها المستمر من طيران الأسد، بينما يبقى الهاجس الأكبر عند الأهالي هو “معارك مورك” القريبة والتي تعتبر الخط الأول في الدفاع عن خان شيخون، وسقوطها يؤدي إلى عودة المعارك إلى أطراف الخان.
ويوضح عثمان الخاني أوضاع المدينة “عاد حوالي 60% من الأهالي على الرغم من البنية التحتية المهدمة بشكل كبير وعدم توفر أدنى سبل المعيشة، فالكهرباء والماء غير متوفران في المدينة منذ 10 تشرين الأول 2012 وحتى تاريخ اليوم”، مشيرًا إلى أن “البعض لا يملك القدرة على دفع تكاليف شراء الماء من الصهاريج وشراء اشتراكات كهرباء للإنارة، بينما الفرن الوحيد في المدينة متوقف عن العمل منذ بدء معارك التحرير”.
وأضاف الخاني “الحركة التجارية شبه جيدة والأسواق تعمل نوعًا ما على الرغم من عدم توفر بعض المواد الغذائية بسبب عدم توفر الكهرباء لتشغيل الثلاجات التي تقوم بحفظ المواد، واستخدام البدائل من المولدات يؤدي لغلاء ثمن السلع التجارية”.
- الحكومة المؤقتة صماء، والمجلس المحلي مستقيل
اعتبر مراقبون ومحللون عسكريون أن معارك خان شيخون المستمرة طيلة أربعة أشهر كانت الأكبر والأهم بين المعارضة وقوات النظام خلال عام 2014، إلا أن “الائتلاف الوطني المعارض كأنه لم يكن على دراية بما يجري في المدينة”، بحسب عثمان الخاني الذي اعتبر أنه “لم يقدم أي دعم لهذه المدينة خلال فترة المعارك” منوّهًا إلى أن الحكومة المؤقتة “لم تكلف خاطرها بتقديم دعم مستعجل لنازحي المدينة والذين يقدرون بالآلاف، وبدت عاجزة عن تقديم أي حلول لوجستية وإغاثية للمدينة وسكانها”.
ويضيف الخاني “بعد حالة التجاهل التي عانينا منها من قبل المعارضة الخارجية، حاول المجلس المحلي للمدينة تشغيل محطة الضخ باتجاه خان شيخون لضخ المياه نحو منازل المواطنين، لكنه لم يجد تجاوبًا من العاملين والموظفين القائمين على هذه الدوائر الذين بدورهم لم يقدموا المساعدة للمجلس المحلي أبدًا واقتصر دورهم على المشاهدة من بعيد في حين كانت ومازالت المدينة بحاجة إلى الماء، الأمر الذي جعل المجلس المحلي أمام واقع صعب، واضطره إلى تقديم استقالة جماعية بجميع مكاتبه وعناصره منذ حوالي عشرة أيام”.
تعتبر خان شيخون ثالث مدن إدلب من حيث عدد السكان والمساحة، وأهمها حاليًا بحسب موقعها الاستراتيجي المطل على الأوتستراد الدولي الواصل بين دمشق وحلب، إلا أن واقعها الحالي يكرس ظاهرة العقم التي أصابت مؤسسات المعارضة وفشلها بتقديم نموذج متكامل وبديل عن نظام الأسد في إدارة المناطق المحررة.