ريف اللاذقية بين براميل الأسد وتقصير المنظمات الإغاثية
محمد الكردي، حسام الجبلاوي – ريف اللاذقية
بموازاة ساحل البحر الأبيض المتوسط في سوريا يشمخ ريف اللاذقية بجبلي الأكراد والتركمان، ولا شك أن معظم السوريين والسياح يعرفون فتنة الطبيعة في هذين الجبلين الأخضرين وغناهما وتنوع خيراتهما الزراعية، إلا أن السحر الذي يعتري هذه المنطقة لا يفصح عمّا يستعر في جوفها من فقر ونقص في مقومات الحياة الأساسية في ظل قصف ممنهج لطائرات الأسد وبراميلها المتفجرة التي تمطر سماء المنطقة يوميًا.
في طريقنا من الحدود التركية شمالًا تزداد المعاناة كلما اتجهنا إلى اللاذقية جنوبًا، ولكن بدرجات خفيفة، إلى أن نجتاز قرية الناجية التي تعتبر آخر القرى التابعة إداريًا لمحافظة إدلب والمتاخمة لقرى اللاذقية.
ندخل بعدها قرى جبل الأكراد شمال مدينة اللاذقية، لتبدأ رحلتنا مع الفقر وانعدام شروط الحياة الأساسية، إذ لم تصل الكهرباء إلى المنطقة منذ 3 سنوات ومثلها المياه، ولا نجد سوى النذر اليسير من المواد الغذائية في ظل وجود المئات من العائلات النازحة، يقابلها ارتفاع في أسعار المواد الغذائية التي تصل إلى المنطقة.
“نحن لا نستطيع أن نقدم المعونات إلى جبل الأكراد لخطورة الأوضاع الأمنية فيه”، بذلك يختصر أحد القائمين على المنظمات الإغاثية في ريف إدلب الشمالي (رفض التصريح عن اسمه) أسباب تدهور الأوضاع المعيشية التي يشهدها ريف اللاذقية، “فجبلا الأكراد والتركمان يعتبران خط جبهة أول وعلى تماس مباشر مع قوات الأسد في مدينة اللاذقية كما يعتبران محطة تفريغ لما تحمله الطائرات من براميل متفجرة، ولهذه الأسباب تجد معظم المنظمات الإغاثية عاكفة عن تقديم المساعدات الإنسانية إلى ريف اللاذقية” يضيف المسؤول.
أما من ناحية التعليم والتي تعتبر، رغم كل هذه الظروف، الأهم بالنسبة للكثير من النازحين ومن سكان المنطقة أنفسهم، فكانت شبه معدومة فيما سبق، إلى أن التفت في الآونة الأخيرة بعض المهتمين من أبناء الريف فقاموا بتنظيم حلقات دراسية صغيرة بما توفر لديهم من إمكانات متواضعة.
“كل من أتانا لتقديم المساعدة عندما يرى شدة بؤسنا واستحالة حالنا يكتفي بأخذ صورة قرب جدار مهدوم أو دمعة طفل تائهة ثم يرحل دون عودة”؛ هكذا ردت علينا الآنسة مرمر، مديرة إحدى المدارس في ريف جبل الأكراد، عند سؤالنا عن المساعدات المقدمة لهم.
وأردفت قائلة “إن إيماننا بأهمية العلم سلاحًا فعالًا في بناء جيل قادر على بناء سوريا المستقبل هو ما دفعنا للعمل دون أجر؛ قمنا مؤخرًا بطرق جميع الأبواب وقد أخذنا وعودًا من الهيئة السورية للتربية والتعليم بدعم العملية التعليمية وبالفعل قدمت بعض المساعدات، والتي اشتملت على الكتاب المدرسي والقرطاسية والمعاطف الشتوية للأطفال، الأمر الذي أدخل البهجة لقلوب الطلاب وأعطانا دافعًا للعمل”.
ولكن “هذا لا يكفي” تستدرك المديرة “فنحن بحاجة للمزيد من الدعم حتى نضمن استمرارن؛ إذ نحتاج بشكل أساسي إلى مكان يحمي الطلاب من قصف الطيران، إضافة إلى توفير الكهرباء ومستلزمات الطلاب وتوفير أجور قليلة تضمن حياة كريمة للمدرس، لنضمن بذلك بقاءنا وعطاءً أفضل للمدرسين”.
ويبقى السؤال هنا إلى متى ستبقى الهيئات الإغاثية نائية بنفسها عن تقديم المساعدات لهذه المناطق المنكوبة، وهل سيترك أهل اللاذقية لمصيرهم؛ الموت جوعًا أو جهلًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :