تنامى “المد الشيعي” في العاصمة السورية دمشق، بعد أن حضنه كل من الأسد الأب والابن، لكنه انفجر بعد انطلاق احتجاجات الثورة الشعبية المطالبة بالحرية والمنددة بنظام الأسد، في حين يعاني معظم أهالي دمشق من امتداده وحرمانهم من أدنى حقوقهم في الحرية والتعبير عما يجري في مدينتهم.
وكانت حملات “التبشير الشيعية” قد بدأت في سوريا خلال الفترة الأخيرة من حكم حافظ الأسد، ثم تضاعفت أعداد هذه الحملات وازداد نشاطها “ثلاثة أضعاف” في عهد الأسد الابن منذ عام الـ 2001 ، حيث سمح بإنشاء 12 حوزة (حسينية) و3 كليات للتعليم الشيعي في دمشق، بحسب دراسة أجراها “المعهد الدولي للدراسات السورية” ليتشكل جسد المد الشيعي، ويبدأ بالتغلغل في أوساط المجتمع السوري ومؤسساته.
أما على الصعيد العسكري، انخرطت عناصر شيعيةٌ (لبنانية وإيرانية وعراقية) في صفوف “الجيش السوري”، لتتحول المؤسسة المسؤولة عن حماية الوطن وشعبه إلى “عصابةٍ مكونةٍ من ميليشاتٍ خارجيةٍ، تستبيح الوطن وأهله وتعيث فيه فسادًا، تحت غطاء محاربة الإرهاب وحماية المزارات الدينية الشيعية”، بحسب حسام الشاب الجامعي في دمشق.
وأكد حسام لعنب بلدي أن “تواجد العناصر الشيعية على الحواجز المحيطة بحي الشيخ سعد في المزة صار أمرًا اعتياديًا”، ويمكن تمييزهم عن غيرهم “عبر ربطاتٍ على الكتف تحمل شعار لواء أبي الفضل العباس وحزب الله اللبناني”، بينما تكرر الأمر في أغلب الأحياء الدمشقية مثل حي الصالحية والحمراء وسط العاصمة بحسب شهود عيان، كما أن الأغاني الطائفية المهددة بالانتقام تملأ شوارع دمشق.
“جسر الرئيس” والشوارع القريبة منه، اشتهرت بانتشار الكتب الأدبية والثقافية واللوحات الفنية على رصيفها، إلا أنّها مؤخرًا شهدت انتشار بسطات لبيع بوستراتٍ وقصاصاتٍ قماشيةٍ تحمل شعار حزب الله اللبناني والميليشيات المقاتلة معها، إضافة إلى عباراتٍ طائفية تطالب بالثأر كـ “لبيك يا زينب، لبيك يا عبّاس.. لن تسبى زينب مرتين”، وأخرى تحمل صور الأسد برفقة حسن نصر الله الأمين العام للحزب.
تقول ميسون، وهي سيدة دمشقية معارضة للأسد، إن “المشهد يكتمل بالفتيات ذوات اللباس الفاضح اللاتي يقفن على هذه البسطات ليشترين ما يروق لهن من البوسترات والأساور التي تحمل رموزًا شيعية بحريةٍ مطلقةٍ”، كما قالت ميسون، مشيرة إلى “حالة الكبت والتضييق الأمني التي وصلت إليها حرية مدينتهم من قبل أزلام الأسد وميليشياته الشيعية”، إذ تقول “لا أستطيع أن أضع علم الثورة حتى في منزلي خوفًا من مداهمةٍ فجائية”.
وأردفت ميسون أنّ “سياسية التجييش الشيعي” التي يطبقها الأسد على سكّان دمشق، متجهةٌ إلى “إشعال حربٍ طائفية”، جرّاء شعورهم “باستبدال الطابع الشامي بكل فئاته بالمد الشيعي”.
ولم تقتصر الممارسات على أحياء دمشق فحسب، بل انتقلت إلى المحاضرات والهيئات الإدارية التابعة لجامعة دمشق، إذ عيّن القائمون عليها مؤخرًا “طلّابًا من الطائفة الشيعية أُوكلت إليهم مهمة كتابة تقارير عن كلِّ طالبٍ يُشك بأنه يبدي حريته برسمات على المقاعد أو حتى في دفتره الخاص، تدل على انتمائه إلى تجمعٍّ معارضٍ للأسد” بعد انتشار الظاهرة في الجامعة.
ثم يلاحق ويحقق معه لدى الهيئة الإدارية، ويُعاقب صاحب التهمة “الملفقة زورًا” بالاعتقال أو ترسيبه سنةً كاملةً قسريًا، حسب إفادة “عدنان” أحد طلاب جامعة دمشق.
بدورها بدأت التجمعات الشيعية في دمشق بممارسة نشاطاتها ونشر أفكارها عبر مجموعة من فرق الكشافة، وكانت آخر هذه النشاطات وقفة لعناصر حزب الله ولواء أبي الفضل العباس يوم الجمعة 25 تموز “تضامنًا مع غزة” حسب التلفزيون الرسمي، وأفاد مكتب دمشق الإعلامي أن الوقفة اتسمت بهتافات طائفية ورفع فيها أعلام حزب الله مرفقًا ذلك بصور للوقفة المحمية بعناصر الأسد.
يذكر أنه وفقًا لدراسة صدرت في الشهر الأول من العام الجاري عن مركز “ميئير عاميت” و “مركز المعلومات في تل أبيب”، أن عدد “المقاتلين الشيعة الأجانب ممن يقاتلون إلى جانب الأسد يقدر بـ 7000 إلى 8000 مقاتل”.