عنب بلدي ــ العدد 127 ـ الأحد 27/7/2014
يقضي أطفالنا معظم وقتهم هذه الأيام برفقة الأجهزة التكنولوجية الحديثة، خصوصًا الحواسيب والموبايل وألعاب الفيديو والآيباد.
تعتبر هذه التكنولوجيا سلاحًا ذا حدين، فبالرغم من المميزات الهائلة التي تقدمها هذه الأجهزة، من سهولة العثور على المعلومة التي تجعل الطفل غير مضطر لحفظ المعلومات وإنما فهمها، مما يفسح المجال له لعمليات عقلية أعلى كالتفكير الناقد وحل المشاكل والتأمل، كما ساعدت في اكتساب الطفل للمعلومات والأفكار المفيدة والترفيه والتسلية وزيادة القدرة على الانتباه والقدرة على تحديد التفاصيل المهمة؛ إلا أن هناك العديد من السلبيات والمخاطر التي تنجم عنها:
• هناك علاقة مباشرة بين عدد الساعات التي يقضيها الطفل على هذه الأجهزة وبين زيادة الوزن، إذ إنها تجلب معها مخاوف صحية كبيرة مثل ارتفاع الكوليسترول وضغط الدم بسبب حرقهم للسعرات الحرارية أثناء فترات جلوسهم الطويلة أمام هذه الأجهزة.
• تقلل من التفاعل الاجتماعي الحقيقي، إذ إن نسبة كبيرة من الأطفال يفضلون الجلوس في المنزل للتمتع بألعابهم المفضلة أو محادثة أصدقائهم على الخروج لزيارة الأهل أو حتى إلى الأماكن العامة أو الاشتراك في أي أنشطة أو ألعاب رياضية خارج المنزل أو حتى داخله.
• إن الألعاب الإلكترونية التي تعتمد على التسلية بقتل الآخرين والتدمير، تساهم في تعزيز ميول العدوان والعنف والقسوة؛ وفي بعض الحالات قد تصل في تأثيرها إلى دفعهم إلى ضرب إخوتهم الصغار وإيذائهم من خلال تقليدهم ألعاب العنف وتطبيقها في الواقع وعدم سماع الإرشاد والتوجيهات، وذلك لأن هذه الألعاب تتطلب من الطفل أن يتقمص الشخصية العدوانية ليلعبها.
• ضرر بالغ في عضلات الكفين والأصابع نتيجة بعض الأجهزة الذكية التي تعتمد على اللمس مثل الآيباد، لأن آلية استخدام هذه الأجهزة تحول دون بناء العضلات بالشكل الطبيعي مما يجعلها ضعيفة، وبالتالي تحدث تأخرًا في القدرة على الكتابة وتجعلها عرضة للأذى على المدى الطويل.
• إن هذه الأجهزة تؤثر على معدلات النوم الطبيعي لدى الطفل، وتسبب صعوبة بالنعاس لأنها تمنح حيوية للأطفال بسبب المستويات العالية والمتباينة من الإضاءة في الرسوم المتحركة.
• إن هذه الأجهزة تترك تأثيرًا على انتباه الطفل بسبب استمرار انتباهه مرتفعًا لفترة طويلة مما قد يسبب ظهور مشكلة في تشتت الانتباه لديه، أو قد تزيد من معدلات ظهور ما يعرف بفرط الحركة مع تشتت الانتباه.
• استعمال هذه الأجهزة يترك تأثيرًا سلبيًا على بعض وظائف الدماغ، وخاصة الذاكرة طويلة المدى، التي تترك خاملة على المدى الطويل، في حين يكون التركيز على بعض وظائف الدماغ الأخرى التي تجهد بشكل مكثف مما يؤدي إلى خلل في عمل هذه الوظائف.
التكنولوجيا لها تأثيرات عديدة على الأطفال، بعضها إيجابي وبعضها الآخر سلبي. وبكل الحالات، يجب أن يتقبل المجتمع فكرة أن التكنولوجيا سوف تستمر في النمو وسوف تكون عنصرًا أساسيًا في حياة الطفل، فالابتكار والتقدم التكنولوجي لن يغيب وسوف يكون له تأثير كبير على حياتنا وحياة أطفالنا، وهنا يأتي دور الأهل والمجتمع والمدرسة في طريقة توجيه الأطفال بما يناسبهم في التعامل مع هذه التكنولوجيا.
في مقالة العدد القادم، سنتحدث عن بعض الممارسات الجيدة والتي ينصح بها لإيجاد التوازن في استخدام التكنولوجيا الحديثة من قبل أطفالنا بحيث تتحقق الفائدة منها وبنفس الوقت يتم التخفيف من آثارها السلبية.