تزداد وتيرة المجازر الطائفية التي ترتكبها قرىً «موالية» للنظام حدّةً يومًا بعد يوم، وتزداد وحشية وحيوانية مرتكبيها لدرجة تصيب بالذهول. فمن مجزرة الحولة التي حاول الأسد في خطابه «القادم من المريخ» أمام مجلس الشبيحة صباح الأحد الماضي بلغة غير مسؤولة تبرئة ساحته منها وتحميل «العصابات المسلحة» مسؤوليتها، لا بل وأعطى وبكل صراحة على مايبدو ارتكاب المزيد من المذابح عندما «تنبّأ» بأن المسلحين سيرتكبون مجازر أخرى. والمضحك أنه شبّه القتل والمجازر الحاصلة بعملية جراحية يشق خلالها مبضع الجراح جسد المريض ليستأصل المرض، والعمليات مستمرة!!
والأسد بذلك لم يكذب البتة، إذ أن من ارتكب المجازر هم بالفعل «عصابات» من القرى العلوية المجاورة التي تحيط بالحولة ممن عمل النظام على تسليحهم لقتل سكان القرى السنية المجاورة بتدبير شيطاني تجلى واضحًا في الأيام التي تلت الخطاب، إذ استمر النظام بقصف الحولة للتخلص من آثار جريمته النكراء.
وتلا مذبحة الحولة مذبحة الحفة، السنية أيضًا، في اللاذقية واقتحامها بنفس الطريقة وذبح أهلها وارتكاب إبادة جماعية، وهزّت العالم مجزرة القبير في ريف حماة التي راح ضحيتها جلّ من في القرية البالغ عدد سكانها 130 نسمةً نجا منها 4 أشخاص فقط ليبقوا شهداء على الجريمة التي ارتكبتها يد الحقد والغدر بحق نساء وأطفال وشيوخ ذنبهم الوحيد أنهم يتبعون طائفة مغايرة. وكان أن قامت تلك العصابات باختطاف 37 جثة ونقلها إلى قرية قنبير العلوية لا لشيء إلا لأنها تحمل اسمًا مشابهًا للقرية المنكوبة وأخذوا المراقبين إليها لإيهامهم بأن الجريمة ارتكبت بحق موالين للنظام، ناهيك عن أنهم قاموا بإحراق أكثر من 35 جثةً ودمروا منازل القرية لطمس معالم الجريمة أيضًا، وهنا سارع الإعلام السوري لاستنكار المجزرة وشجبها وندّد وجرّم مرتكبيها!!
ويبدو أن النظام قد أدرك بأنه ساقط لا محالة، فحاول شحن أتباع ملته وشحنهم طائفيًا لدرجة ربط مصيرهم وبكل سادية بنظامٍ رسم لهم صورة كابوسية لوضعهم في حال سقوطه، وملأ رؤوسهم أوهامًا وأحقادًا بأن نهايتهم ستكون مع نهاية النظام، فما كان منهم إلا أن خرجوا للدفاع عن وجودهم وبقائهم، فاقتحموا القرى السنية المجاورة والتي صورها النظام لهم كـ «غول» عليهم أن يتغدوا بها قبل أن يتعشى بهم. وتم ارتكاب كافة المذابح بعقلية واحدة تحمل نفس الوحشية والمنهجية، قرية سنية يقتحمها مسلحون من قرى علوية يذبحون ويحرقون ويدمرون ويعيثون فيها فسادًا.
ولخبث النظام ودهائه، أرادها طائفية فجيّش أتباعه لارتكاب الفظائع من أجل البقاء وهو بالطبع يقف ورائهم ويدعمهم ويحاول التغطية على جرائمهم ومجازرهم، فيقصف المنطقة جوًّا وبرًّا ليمحو آثار الجريمة. لكن الثوار وبعد كل مجزرة، يؤكدون على نبذهم للطائفية ودعمهم الوحدة الوطنية، لكن للصبر حدود وللعقلانية حدود!! وتكرار سيناريو المذابح بوتيرة يومية يدعو إلى الجنون ويدفع للتفكير بأن الدفاع عن النفس وعن الأطفال حق ولو بنفس العقلية الطائفية الموتورة، مع فارق وحيد، أنه من المستحيل الوصول إلى درجة الوحشية التي وصل إليها أزلام النظام ومرتزقته…
هنا يبرز سؤالٌ محيرٌ: ألا يوجد ضمن الطائفة العلوية رجل رشيد يدعو إلى تهدئة الوضع وحقن الدماء!! أليس بينهم حكماء كحكماء الدروز الذين فهموا لعبة النظام وفحواها وأدركوا أبعادها في السويداء فما كان منهم إلا أن أحبطوا كل مخططات النظام لإشعال فتنة طائفية!! أكل أتباع النظام مخدرون مغناطيسيًا!! أما من صوت يخرج لتوعية شبابهم ليتوقفوا عن ارتكاب المزيد من المجازر!! ألم يدركوا بعد أن النظام يدفعهم إلى شفير الهاوية ويحاول زجهم في «فوهة المدفع» ليبرئ ساحته مستقبلاً، وعند سقوط النظام سيحاكم مرتكبو الجرائم لينالوا قصاصهم العادل. وبكل تأكيد، النظام ليس وحده المدان، فهو لم يحمل سكينًا ليذبح ولم يقتحم البيوت في جنح الظلام ليقتل الأطفال ويستحيي النساء ويعدم الرجال ويحرق ويدمر، فالقصاص سيكون أولاً من القتلة والقتلة هم أتباع الطائفة الذين ارتكبوا المجازر، وناقوس الخطر يدق أن استفيقوا… فالخطر بات محدقًا والنظام يريدكم كبش فداء لإنقاذ نفسه وتبرئة ساحته ولن يكون هناك مَهربٌ وستندمون ساعة لا ينفع الندم..
وإن كان النظام قد أسرّ لطائفته أن عمليات الإبادة الممنهجة للسنة وتهجير سكان القرى، ممن بقوا على قيد الحياة، يضمن إقامة دولة علوية تمتد من حمص إلى اللاذقية، كما يشيع ويخطط، فذلك ضرب من ضروب الخيال، فمن خرج منذ أكثر من عام لنيل حريته وكرامته واستعادة وطنه لن يسمح بتقسيم سوريا إلى دويلات وستشتعل حرب شعواء يكون النصر فيها حليف من خرج لإعلاء كلمة الحق ومن قدّم ما يربو عن خمسة عشر آلف شهيدٍ مهرًا للحرية لن يتوانى عن تقديم المزيد من للحفاظ على وحدة سوريا.