هنا الحلبي – حلب
كثرت في الآونة الأخيرة علامات الاستفهام حول خلل في قيادة غرفة عمليات قوات المعارضة في حلب، بعد الانسحاب من المدينة الصناعية الأسبوع الماضي دون اشتباكات تذكر ضد قوات الأسد، في حين بدأت بعض الكتائب بالانكماش نحو الريف الشمالي بغية “قتال الكتائب المفسدة”.
ورغم أن غرفة العمليات تمكنت خلال حزيران الماضي من تحقيق تقدم ملحوظ في المنطقة، إلا أن انسحابًا مفاجئًا من المدينة الصناعية، فتح المجال أمام اتهامات عديدة، وتخبط في القرارات والتنسيق.
وفي إفادة لأحد الإعلاميين الذين كانوا متواجدين في المنطقة الصناعية (رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية)، أوضح لعنب بلدي أن “ما أرهق الجيش الحر أنه وقع بين سكينة داعش وبراميل النظام، إذ لم تكن قوات الأسد تستطيع التقدم لولا مرورها من جانب تلة شامر المسيطر عليها من قبل داعش”، وأكد الناشط الإعلامي أن قوات المعارضة اضطرت للتراجع إلى الفئة الثالثة في المدينة الصناعية، بعد الانسحاب من قريتي المقبلة والرحمانية.
وبحسب الناشط الإعلامي فإن الفئة الثالثة كانت «مقرًا أساسيًا لعتاد النصرة الثقيل، وقبل الانسحاب من المدينة الصناعية بيوم واحد (الأول من رمضان) كانت كتائب المعارضة تخطط لاستعادة بلدة الرحمانية، لكن جبهة النصرة انسحبت من الفئة الثالثة مخلفة وراءها عددًا من المقاتلين الأجانب دون سلاح ثقيل، ما اضطر باقي الكتائب للانسحاب كليًا من المدينة الصناعية».
وتوافقت شهادة الناشط مع شهادة «عبد الله الحلبي» وهو أحد مقاتلي كتائب المعارضة المرابطين في الفئة الثالثة، إذ قال «لم يكن هناك أي خطورة علينا في الشيخ نجار، وكان الوضع تحت السيطرة، حتى أننا وعدنا خلال اجتماع لغرفة عمليات أهل الشام من قبل قياديين في الحر بتعزيزات وعدد كبير من المقاتلين، سيتوجهون من الريف إلى الشيخ نجار».
لكنه أردف «بعد خروجنا من الاجتماع توجهنا إلى نقاط رباطنا في الفئة الثالثة، ففوجئنا بأن مقاتلي النصرة بدأوا بالانسحاب، ولدى سؤالنا عن السبب أجابوا بأن لواء التوحيد انسحب من الفئتين الأولى والثانية، متخوفين من التفاف قوات الأسد على الفئة الثالثة»، وتابع عبد الله «حين بدأنا بالانسحاب كان مقاتلو لواء التوحيد مازالوا يتحضرون للانسحاب، وتعذروا بأن النصرة انسحبت لذلك بدأوا بذلك».
ويذهب أغلب المقاتلين الذين استطلعت عنب بلدي آراءهم إلى أن ما حصل «خلل واضح من قيادة الغرفة، إضافة إلى نشر إشاعات بأن النظام تقدم من مدرسة المشاة ولكن ذلك لم يكن صحيحًا»، حيث دخلت قوات الأسد المنطقة بعد انسحاب المقاتلين بـ 24 ساعة.
بدوره صرح مجاهد حلبي وهو أحد قياديّي الجيش الحر المقربين من غرفة العمليات بأن «التصرفات اللامسؤولة والمشينة من قائد غرفة عمليات أهل الشام باتت غير مقبولة، فهو يمنع الذخيرة عن الجبهات الأكثر أهمية في مدينة حلب، ويتعصب لرأيه ويتعنت بمواقفه، ويدعم جهات دون أخرى مما أضر كثيرًا بمدينة حلب».
كما تبدو السياسات الأخيرة لجبهة النصرة بأنها بدأت بالانكماش من المدينة إلى نقاط في ريف حلب وإدلب لتوطيد أماكن نفوذها، بعد بشارة الجولاني لمقاتلي النصرة في حلب «بإمارة إسلامية في الشام».
إن حصار حلب التي تشكل مركزًا لنشاطات المعارضة وخطوط إمدادٍ خلفية لمقاتلي المعارضة ينذر بكسر شوكة المعارضة ميدانيًا، بعد خسارتها دير الزور لصالح «دولة العراق والشام»؛ فهل تترك حلب تواجه مصيرها؟