إشاعات في الغوطة .. تأطير للدين والتفافٌ على الأسباب

  • 2014/07/20
  • 10:35 م

يقتات الناس في المناطق المحاصرة على الإشاعات، ولا يهم مدى صحتها طالما أنها تذكي سراج الصبر بقليل من زيت الأمل -ولو كان وهمًا-، قبل أن تذوي شعلته الخامدة؛ وحدها الإشاعات تشكل جديدًا ما قد يتحقق، وخيط ضوء محتمل لعيون أتعبها الظلام، ولعلها عند البعض ضرب من التفاؤل بالخير عسى أن يجدوه.

مع قدوم رمضان ازدادت وتيرة الإشاعات، فتارة يتناقل الناس أخبار توزيع معونات مكثف، أو طريق سيمنّ النظام بفتحه عليهم، أو هدنة أو مصالحة تتيح لهم الاستمتاع بلحظة هدوء، بين رصاصتين، توقّع البعض أن تتحسن أوضاع المياه وأن يتم الاتفاق مع النظام على ساعتين من الكهرباء يوميًا.

إشاعات كثيرة زادت حال قدوم رمضان باعتباره «موسمًا»، والأمور الكبيرة تحدث في المواسم دومًا، لكن أكثر الإشاعات عجبًا واستحقاقًا لإثارة الاستغراب والسخرية -وهي الأكثر تردادًا بين الناس- أن «خادم الحرمين الشريفين» سيقوم بدفع «كفارة» عن صيام أهالي المناطق المحاصرة في رمضان، وبهذا يتيح لهم إمكانية الفطر في حال تعذر الصيام على أجسادهم الهزيلة.

طبعًا الإشاعة منفية حتى يصدر كتابٌ رسميٌ بذلك، لكن السخرية من طريقة التفكير الملتفّة بالتعامل مع النتائج لا الأسباب، التعامل مع شعائر الدين الإسلامي بهذه الطريقة الحرفية الميتة الخالية من روح الشعيرة، إلى درجة تشكيلها عبئًا في بعض الأحيان، والخروج من هذا العبء بطريقة أخرى تمثل أيضًا قصورًا في الوعي والحس الإنساني، إذ يتوجب بدل التوجه لطلب كفارة إفطار، تغذية هذه الأجساد والسعي لمدها بقوتها وإعانتها؛ بربكم ما الفرق بين صيام الفقير وفطره، ومائدته لن تحوي إلا ما ستحويه.

بدل أن يتم إدخال قوافل معونات «شحيحة» للمحاصرين، ينبغي التعامل مع سبب جوعهم الأساسي «الحصار»، وبدل أن يتم دفع «كفارة فطر» لمن سيفطر على الهواء والماء، أقترح أن يتم التريث قليلًا علّها تدفع على شكل «كفارة قتل نفس».

عندما يصبح الدين مجرّد إطار مذهبٍ فارغٍ فلن يهم عدد المسامير التي تحاول تثبيته بها، مادام الجدار الذي تعلقه عليه «يريد أن ينقضّ».

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي