جريدة عنب بلدي – العدد 19 – الأحد – 10-6-2012
مع تواصل خرق النظام لكافة المعايير الدولية والأخلاقية وارتكاب زبانيته لمجازر وحشية، وجد الجيش الحر نفسه ملزمًا بالدفاع عن أهله في المناطق التي يستهدفها النظام بالقصف الوحشي الذي تزداد وتيرته كل يوم، ووجد أن من واجبه الدفاع عن المدنيين العزل والوقوف في وجه جرائم النظام المتزايدة. وبعد أن تركزت عمليات الجيش الحر في حمص وحماة وريف حلب ودرعا، ازدادت عملياته النوعية في ريف دمشق وكبدت النظام خسائر فادحة.
وبعد 16 شهرًا من الثورة التي بذل النظام قصارى جهده لتكذيبها وتخوينها وربطها بأصابعَ خارجيةٍ ومؤامراتٍ كونيةٍ، وصل الجيش الحر إلى قلب عاصمة الأمويين دمشق وإلى ساحة العباسيين على وجه الخصوص ليؤكد أن الثورة حقيقةٌ لا من نسج الخيال والأوهام، وبأنها وصلت إلى ما يظنه النظام معقله المنيع، العاصمة السياسية بشقيها المسلّح والعصيان المدني الذي بدأه تجار الشام ولحق بركبه تجار حلب ودرعا واللاذقية ودير الزور في حركة أربكت النظام.
ويأتي وصول الجيش الحر إلى قلب العاصمة في رسالةٍ واضحةٍ من الثوار بأن ثورتهم صمدت في مواقع كثيرة مثل حمص وإدلب وريف حلب وأنهم يملكون زمام المبادرة الآن ومستعدون لخوض معركة التحرير في ظل تصاعد وتيرة وحشية النظام واستمرار التخاذل الدولي الذي لم يرق إلى الآن إلى درجة أكبر من الشجب والإدانة والاستنكار. وبالطبع، سيكون للعمل العسكري للجيش الحر الأثر الأكبر على الثورة، فالتطور من السلمية إلى السلاح كان ولادة طبيعية خرجت من رحم واقع عايشه السوريون من فظائع قام بها النظام. وإن كان المجتمع الدولي برمته غيرَ قادرٍ على وقف نزف الجرح السوري، فالثوار قادرون على ذلك، فها هو الجيش الحر قد وصل إلى دمشق ودارت اشتباكات بين عناصر الجيش الحر وجيش النظام في كفرسوسة وبساتين المزة والقدم والقابون التي اقتحمها الجيش الأسدي بالدبابات والمدرعات، اشتباكات دارت طوال الليل تكبد خلالها النظام خسائرَ في العتاد والعديد، وتكاتف الثوار وعناصر الجيش الحر في تنفيذ العملية مجسدين روح الثورة، إذ قام الثوار أثناء الاشتباكات بقطع الطرق الدولية والشوارع الرئيسية لتأخير وصول الإمدادات العسكرية لمرتزقة الأسد.
وفي تلك الأثناء بالطبع، كانت أصوات الاشتباكات قد وصلت إلى القصر الجمهوري وبالتأكيد أقض صوت الرصاص والانفجارات المتتالية مضجع «سيادته» ووصلته الرسالة واضحة وباليد، أن الوعد قد اقترب…