عنب بلدي ــ العدد 126 ـ الأحد 20/7/2014
منذ إحداث المؤسسة العامة للتبغ عام 1935 وتجارة التبغ الوطني والأجنبي محصورة عن طريقها، وهي المعتمد الوحيد لزراعة التبغ وتصنيعه، حيث تشتريه من الفلاحين وتبيعه لتجار السوق، لكن هذه الآلية اختلفت قليلًا بعد الأزمة التي تمر على سوريا، بسبب الفوضى السائدة التي كانت لها تداعياتها على قطاع التبغ أسوة ببقية القطاعات، فلم يعد جهاز المكافحة قادرًا على تسجيل الضبوط التي كان يسجلها في السابق، فضلًا عن الكشف عن طرق التهريب التي يمر عبرها آلاف الأطنان من الدخان غير المعروف قبيل الأزمة.
- مكافحة التهريب غير ممكنة
فبعد ارتفاع أسعار الدخان بمعدلات لا تقل عن 4 أضعاف، سواء للمصنّع محليًا أو المستورد، أصدرت مؤسسة التبغ مطلع الأسبوع الثاني من تموز الجاري قرارًا بتخفيض أسعار مبيع السجائر الوطنية لتصبح الأسعار على الشكل الآتي: الحمراء الطويلة 110 ليرة سورية، والحمراء قصيرة والحمراء طويلة لايت 85 ليرة سورية، بعد أن كان سعرها يصل إلى 120 ليرة.
ووفق مصادر في مؤسسة التبغ، فإن قرار التخفيض المذكور يهدف إلى الحد من ظاهرة التهريب، لكن لا تبدو هذه الحجة مقنعة، فرغم وجود قرابة 2500 دعوى جمركية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، ومعظمها يتعلق بتهريب الدخان بحسب محكمة الاستئناف الجمركية، فإن التهريب ما يزال مستمرًا ويأتي بشكل أساسي عبر الحدود العراقية واللبنانية. وتباع أصناف الدخان المهرب على البسطات في مختلف شوارع المدن السورية وخاصة العاصمة دمشق، دون جدية من جانب الحكومة في مصادرة هذه الأصناف المهربة ومنع بيعها.
وتقدر حاجة السوق المحلية يوميًا بقرابة 70 طنًا، يغطي الدخان المصنع محليًا منها قرابة 50 طنًا بحسب أرقام المؤسسة العامة للتبغ، وبهذا فإن هناك عجزًا بمقدار 20 طنًا لن يتم تأمينهم إلا عبر التهريب لسد حاجة السوق، وعليه فإن مكافحة التهريب أمر غير ممكن ما لم يرتفع الإنتاج المحلي ليلبي الطلب الذي يسدّه حاليًا الدخان المهرب.
- دخان مهرب وغير معروف
نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، ومن ضمنها المؤسسة العامة للتبغ، امتنعت العديد من شركات التبغ العالمية عن التعامل مع المؤسسة الحكومية، سواء منها التي تزودها بالمواد الأولية اللازمة للتصنيع، أو التي يتم الاستيراد منها بعض أصناف السجائر الأجنبية المرغوبة في السوق.
ونتيجة لذلك استغل بعض المهربين هذا الوضع من ناحية الحدود التي تشهد توترًا أمنيًا، وقاموا بإدخال العديد من الأصناف غير المتداولة في السوق السورية سابقًا، والتي لم تكن المؤسسة تستوردها، مستغلين عدم تمكن المؤسسة من سد حاجة السوق المحلية من الأصناف الأجنبية، لصعوبة استيرادها وانخفاض كميات الإنتاج المحلي المتاحة.
وتلقى هذه الأنواع رواجًا كبيرًا عند بعض المدخنين قياسًا بأسعارها وشكلها المقبول لديهم، ومن بين هذه الأصناف على سبيل المثال: وينستر، ماستر، كورسا، جيكور، ويلسن….
وحول الأضرار الصحية الناتجة عن هذه المنتوجات المهربة، صرح مدير المؤسسة العامة للتبغ فيصل سماق مطلع العام الحالي أنه «وبعد إجراء عدة فحوص مخبرية على هذه المنتوجات التي تدخل بطرق غير شرعية تبين أنها تحوي على مواد سامة أو مواد مخدرة تؤدي إما إلى المرض وإما إلى تحويل المستهلك إلى مدمن، خاصة وأن صناعة التبغ من السهولة التلاعب بمكوناتها، مبينًا أن لكل صنف صلاحية محددة إذا تجاوزها تضاعف ضرره».
ويعتبر قطاع التبغ أحد أبرز القطاعات المنتجة في الاقتصاد السوري، سواء من حيث عائداته التصديرية أو من حيث ارتفاع الطلب المحلي عليه، إذ ينفق قرابة 5 ملايين سوري مدخن نحو 600 مليون دولار سنويًا على التدخين، وفق الأرقام الحكومية الصادرة عن المؤسسة.