حرائر سوريا.. مناضلات على طريق الحرية
عنب بلدي ــ العدد 126 ـ الأحد 20/7/2014
للوطن حرائر يدافعن عنه، ويبذلن في سبيل ذلك كل ما يملكن، ويقدمن ما استطعن إليه سبيلًا؛ لم تثنيهن لوعة الفراق ودمعة الألم لبعد ابن أو زوج أو أخ أو حبيب عن أن يكنّ صفًا مع أشقائهن وسندًا لهم في الطريق إلى الحرية، ولم يثنيهن اعتقال عن أن يسطرن الحرية على جدران السجن خلف القضبان رغم أنوف الجلادين.
فمن الحرائر أمهات كالياسمين، أنجبن وربّين براعمَ أزهرت أبطالًا تسطر المجد بدمائها، يودعن شهيدًا تلو أخيه ليبقى عبق الياسمين يفوح في أرجاء الوطن. من قلب الحرب تطل أم فارس، أم المجاهدين، وقد حملت على عاتقها إطعام المرابطين على الجبهات، فاستشهاد ابنها على جبهة القتال زادها تمسكًا بالثورة، وبالثوار لأنهم لأم فارس وحسب قولها «أولادي».
ومنهن من كن سندًا لأزواجهن في حضورهم، وصابرات محتسبات في غيابهم؛ فترى الزوجة التي طال غياب زوجها الثائر تطيل النظر بوجه أطفالها، علّها تلمس على وجوهم بسمته، وهو الذي لا تدري له أرضًا ولا تعلم عنه خبرًا، أشهيدًا تراه، أم جريحًا أم أسيرًا. وتروي زوجة أخرى من حمص كيف انهالت قوات الأسد على زوجها، الذي لم يحمل يومًا سلاحًا، بالضرب المبرح أثناء توجهه لتقديم العزاء بعد أن أصابوه برصاصة في قدمه؛ وكيف أقعدت رصاصة أخرى طفلها الذي كان يرافق والده ذلك اليوم وحاول الدفاع عنه.
ومن الحرائر محبوبة ينبض قلبها بحب الوطن وبحب الحبيب، فخاتم الخطوبة لا يزال في يدها إذ تحيا روحه بداخلها وإن بات اليوم اسمه «الشهيد» لا «الخاطب». الحب لا يموت في زمن الحرب، وعدها أن يكونا معًا حين تنتهي الحرب… انتهت أنفاسه ولم تنته الحرب، لم يتوقف قلب ماجد عن حبها ولا عن حب الوطن، فمضى في سبيل الله، وفي سبيل الوطن سلاحه بيد، وكاميرته بأخرى ولم يغمض لعينيه جفن إلى أن ارتقى شهيدًا وكان من الصادقين الذين اختارهم الله.. هكذا تروي مخطوبة ماجد حكايتها، لم يخبرها أنه ذاهب للحرب، لم يرد أن يشغل تفكيرها فهو الذي فقد معظم أفراد عائلته في الحرب كانت مخطوبته وعائلتها هم أهله وسعادته.
ومن الحرائر أسيرات في زنزانات الأسد، ينالهن التعذيب والظلم وتنتهك أجسادهن، بعضهن تعرضن للاغتصاب، وأخريات قضين تحت التعذيب، لأنهن صدحن مطالبات بالحرية، ولأن إنسانيتهن منعتهن من أن يرين الظلم ويسكتن عنه، ولا يشاركن في رفعه.
أكثر من سبعة آلاف سيدة منهن ألف طالبة جامعية اعتقلن منذ انطلاقة الثورة السورية، هنّ أرقام تسجلها هيئة الأمم المتحدة، وتقاربها إحصائيات هيومان رايتس ووتش بأن ما يزيد عن 6400 سجينة رأي اعتقلت لمشاركتها في المظاهرات أو الحملات الإغاثية؛ وللسوريين هنّ الأم والزوجة والابنة والأخت والصديقة… مضت في طريقها حرة، واعتقلت حرة، وتخرج من سجنها حرة.
المتابع للشأن السوري لا يخفى عنه بشاعة الانتهاكات التي تتعرض لها نساء سوريا سواء عقابًا لهن لمشاركتهن في الحراك ضد النظام أم ضغطًا على ذويهن من المعارضين له؛ ممارسات لا تمت لا للقوانين بصلة، وترقى الإنسانية عن قبولها أو تبريرها، وتتبرأ منها الأديان.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :