هنا الحلبي – حلب
كما عاشت أحياء حلب رمضان الماضي محاصرة، بلا محروقات أو مواد تموينية، تعيش رمضان الحالي في ظل انقطاع كامل للمياه، وسط تبادل للاتهامات حول الجهة المسؤولة عن انقطاعها.
تستعرض عنب بلدي في هذا التقرير مجموعة من الأحداث التي أثرت في واقع المياه، في الأحياء التي صار من المألوف فيها اليوم تجمع عشرات الشباب والأطفال والنساء أمام الجوامع والآبار المنزلية يتصببون عرقًا في نهار رمضان، علّهم يحظون بتعبئة غالون 25 ليترًا.
بداية تناولت بعض المصادر الإعلامية المؤيدة للأسد أواخر شهر أيار الماضي، ومنها صفحة «أخبار مياه حلب» في موقع الفيسبوك الناطقة باسم مؤسسة المياه في المدينة، أن الحكومة التركية «أوقفت ضخ مياه الفرات نهائيًا، ما أدى إلى انخفاض في منسوب المياه في بحيرة الأسد بمقدار 6 أمتار، الأمر الذي ينذر بكارثة غير مسبوقة تهدد سوريا والعراق معًا»، وأوضحت أن “استمرار ضخ المياه من السد سيجعله خارج الخدمة لذلك يجب إيقاف ضخ المياه منه ريثما تعود الحكومة التركية لضخ المياه مجددًا».
لكن سرعان ما كذب الإعلامي فيصل القاسم هذا الاتهام، وردّ على صفحته الرسمية بأن “النظام هو من بدأ بحرب جديدة من نوعها ضد شعبه في الشمال السوري وهي حرب المياه”، حيث اتهم القاسم نقلًا عن مصادره “النظام السوري بتوليد الكهرباء من سد الفرات بشكل متعمد وبكمية مضاعفة 4 مرات عما كان ينتجه سابقًا» بهدف هدر المياه.
ثم استدركت صفحة “أخبار مياه حلب” بعد أسبوعين، بنشرها تصريحًا لوزير الموارد المائية بسام حنا بوجود “مبالغة بالحديث عن انخفاض في منسوب نهر الفرات”، مبينًا أن هناك “انخفاضًا طفيفًا في منسوب النهر، وهي مشكلة طبيعية تتكرر سنويًا ولا تستدعي الخوف”.
في هذه الأثناء، وفي تاريخ 2 حزيران تحديدًا وقع تفجير ضخم في أوتوستراد الميدان، بالقرب من مبنى مؤسسة المياه أمام بناء حريتاني، كما أوضح المحامي علاء السيد.
واتهم نظام الأسد “الإرهابيين” بالتفجير، ونجم عنه حفرة تدمرت فيها 3 من أصل 4 قساطل للمياه الرئيسية التي توصل المياه لكل حلب، وتدمرت أيضًا قساطل الصرف الصحي الضخمة المارة من هناك، كما ضربت خطوط الكابلات الكهربائية الرئيسية التي تغذي مضخات المياه في محطة سليمان الحلبي.
ونتج عن تفجير قساطل الصرف الصحي، تسرب مياه غير صالحة للشرب لعدد من الأحياء، وقد صرح بذلك محمد وحيد عقاد محافظ حلب في وقت متأخر، معللاً تأخير تصريحه “بصعوبة الدخول الى منطقة التفجير”، ومحذرًا عدة أحياء في حلب من استعمال هذه المياه للشرب ريثما تتم معالجة المشكلة، ومن هذه الأحياء: الميدان، السريان، بستان القصر، بستان الزهرة وغيرها، وبالفعل وثقت عدد من حالات التسمم بسبب شرب هذه المياه.
وبتاريخ 12 حزيران المنصرم أعلنت صفحة “مياه حلب” بأن المياه باتت “صالحة للشرب بعد عزل القساطل المتضررة”، لكن مسألة ضخ المياه ما تزال إلى الآن قليلة جدًا، رغم وعود كثيرة من مؤسسة المياه بإصلاح المشكلة وإدخال المحروقات لتعمل عليه ريثما يتم تصليح كابلات الكهرباء. إلا أن الوعود لم تنفذ حتى الآن، ولا تصل المياه إلى أحياء حلب إلا يومًا واحدًا في الأسبوع وبقدرة ضخ ضعيفة.
بدوره أوضح المحامي علاء السيد أن السبب في ذلك هو “عدم وجود أي محاولات حقيقية للإصلاح، وأن منطقة الضرر لم تقترب منها أي ورشة تصليح ولم يضرب فيها أي معول”، وتطابق كلام السيد مع إفادة مصدر مطلع لعنب بلدي بأن الهلال الأحمر “لم يسمح له أبدًا بالدخول إلى المنطقة عندما حاول التنسيق بين النظام من جهة ولواء أحفاد المرسلين المتواجد بالقرب من المنطقة من جهة أخرى»، بسبب “إملاء كل من الطرفين شروطًا تعجيزية” بحسب المصدر.
وبينما تعاني أحياء حلب من شح المياه، لم تصل المياه منذ شهرين تقريبًا إلى أحياء أخرى من المدينة مثل حي السبيل، جزء من شارع تشرين، شارع فيصل، بحجة وجود الأعطال، في حين تنقطع لأسابيع عن بعض الأحياء ثم تعود، وذلك “وفقًا لمن يتحكم بمفاتيح الأنابيب” إذ لم تواجه أعطالًا أو نقصًا حادًا في المياه، وفق سكان هذه الأحياء، الذين يشيرون إلى أن ذلك يصب في خانة “تجارة الصهاريج التي تخدم أشخاصًا دون آخرين”.