منمنمات تاريخية.. تكسير حدود الزمن والحدث السوري

  • 2017/10/29
  • 3:44 ص

لـ سعد الله ونوس

تستمد مسرحية “منمنمات تاريخية” للمسرحي السوري الراحل سعد الله ونوس، راهنيتها من ثلاث جوانب مهمة، أولها عنوان المسرحية الذي يُشير إلى نمط من الزخرفة الإسلامية، وهي المنمنمة.

وثانيها من اعتمادها على حدث تاريخي حقيقي يتمثل بوصول التتر إلى محيط دمشق ومحاصرتها، وهو الحدث الذي وظفه ونوس بشكل رمزي ليبدي رأيه بكل حالة مشابهة، لذلك يمكننا أن نعتمد رأيه بحصار الريف الدمشقي اليوم.

وثالث هذه الجوانب هو أسلوب كتابة المسرحية، التي اعتمدت على شخصية الحكواتي لتقديم الحدث، وهو ما جعل المسرحية نابعة من أصول شرقية شامية صرفة، كون الحكواتي شخصية تحظى بشعبية كبيرة في سوريا.

قسّم ونوس مسرحيته إلى ثلاث منمنمات، الأولى بعنوان “الشيخ برهان الدين التاذلي أو الهزيمة”، والتي تتحدث عن وصول تيمورلنك من حلب لمحاصرة دمشق، وبدء المقاومة بقيادة التاذلي.

وثانيها منمنمة بعنوان “ولي الدين عبد الرحمن ابن خلدون أو محنة العلم”، والتي تصور حياة العالم الشهير في دمشق، الذي أسس علم العمران أو علم الاجتماع، ووضع نظرية لقيام الحضارات وانهيارها.

والمنمنمة الثالثة تحمل عنوان “آذدار أمير القلعة أو المجزرة”، وتصور سقوط قلعة دمشق، ودخول المحتل إليها.

سعى ونوس خلال مسرحيته إلى كشف التحالف الأبدي بين رجال الدين والتجار الذين خافوا أن يتكرر مصير حلب التي شهدت إبادة على يد الغزاة فسعوا إلى تسليم المدينة، وعرقلة المقاومة.

كما عمل على تفكيك الهالة المقدسة للشخصيات التاريخية أمثال ابن خلدون، محافظًا على أهمية إنجازاتهم العلمية، لكن دون الإصرار على تصويرهم وكأنهم قديسون.

تأتي أهمية المسرحية في خلاصة ما أراد أن يقوله ونوس منها، وهو أن ما حدث في دمشق كان يمكن تفاديه، ولم يكن قضاءً مبرمًا لا مفر منه.

ومن الكلمات الأولى للمسرحية التي ترجمت إلى عدة لغات عالمية، وعرضت على مسارح مهمة في أوروبا والعالم العربي، يغرق القارئ في بناء درامي تاريخي كثيف، وبنفس الوقت يستمد سحرًا لا يفصله عن الوقت الحاضر الذي يعيش فيه.

مقالات متعلقة

فن وثقافة

المزيد من فن وثقافة