«سنيكرز» والحصار .. تقدر تقاوم؟
«خدلك فيوري ولا تكون أندبوري» نداء ستسمعه حتمًا لو قصدت نهارًا أسواق أو شوارع الغوطة الشرقية.
و»فيوري» هي أحد أنواع الشوكولا غالية الثمن في الغوطة، حيث يعادل ثمن قطعة سعر 10 ربطات خبز، بينما لا يتجاوز سعرها في دمشق 50 ليرة.
المفارقة تكمن في اجتياح أنواع الشوكولا المختلفة لأسواق المناطق المحاصرة، بشكل يوحي للمرء أن قوت الناس هو الشوكولا لا القمح، وأن المنطقة تعيش رفاهية سويسرية قلّ مثيلها، لا حصارًا خانقًا يودي بحياة الكثيرين.
وليس معلومًا من أشاع هذا الأمر، هل هو النظام، أم التجار المتحكمون في السوق، أم كليهما؛ وأيًا يكن فالنتيجة واحدة، حالة تناقض كبيرة تسود الأسواق، ففي حين يختفي بشكل تام حليب الأطفال من أسواق الغوطة، تجد أنواعًا مختلفة من الشوكولا منتشرة على بسطات كثيرة، بشكل مثير للريبة.
البعض يرى أنها معوّض غذائي جيّد ويمد الأجسام الهزيلة بطاقة لا بأس بها، لكن حتى إن كان الأمر صحيحًا لكن هذه الشوكولا عمليًا لن تمد بالطاقة إلا أصحاب الجيوب الممتلئة.
ويزداد الأمر تباينًا مع ازدياد الفقر -بل العوز- في ظل الحصار، فقد تجد شابًا يشتري «سنيكرز» ويخرج النقود من جيبه بلا مبالاة مَن لم يتعب بها، وعلى ذات الرصيف تجد فتاة في العاشرة تقطف أوراقًا من شجرة توت وتجمعها، ونستفسر منها عن صنيعها فتخبرنا أن أمها تسلقها لهم ليأكلوها.
ليست مجرد قطعة شوكولا، ثمة تغييب لحاجات البسطاء والناس عمومًا، واستبدالها بكماليات لا يشتريها إلا فئة محدودة لم تشعر بجوع الحصار أساسًا.
نعم هي قطعة شوكولا.. لكنها تروي بدقة حكاية الحصار، والطبقية التي رسخها وعززها بوصول المواد، الأساسية والكمالية، لطبقات دون أخرى.
وكأن ماري انطوانيت تبعث من ركام المناطق المحاصرة من جديد، لتقول بلا مبالاتها من برجها العاجي «إن لم تجدوا الخبز.. فلتأكلوا سنيكرز»، هكذا.. ببساطة!
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :