عنب بلدي ــ العدد 125 ـ الأحد 13/7/2014
رغم ما تتميز به أجواء أسرنا العربية في الغالب من سمات التضحية، البذل، والعطاء في تربية الآباء لأبنائهم، فإن أخطاء كثيرة في المقابل ترتكب بسبب ضعف وقِدَم المعرفة التربوية السائدة في مجتمعاتنا، تفسد الأبناء وتترك فيهم بصمات سلبية. وسنحاول هنا أن نسلط الضوء على بعض أخطاء التربية الشائعة:
الحرص: يحرص بعض الآباء على أبنائهم حرصًا شديدًا، فيجنبونهم حتى أصغر الأخطار ويحمونهم من كل مخاطر الحياة وتحدياتها، مما يعيقهم في الحياة ويحرمهم من فرصة التعلم والنضج، فيكبرون ببنية ضعيفة، وشخصية هشّة، فحين حسب الطير أنه يريح ابنه ويحميه بحمله على جناحيه، فقد حرمه من تعلم الطيران ولذة التحليق.
حب التملك: يشعر الأهل أن ابنهم ملكًا لهم، فلهم فيه حق التصرف، وعليه أن يخطو في الحياة وفق الدرب الذي رسموه وارتضوه له، فتجدهم متسامحين في كل شيء مع ابنهم؛ عدا رغبته في الاستقلال والسير في درب مختلف عما يرونه.
سلطة القديم على الجديد: انتماء الآباء لجيل والأبناء لجيل آخر مختلف يخلق نوعًا من التوتر الاجتماعي، المشكلة تبدأ حينما يرى الآباء هذا الاختلاف بغير عين الرضا فيحاولون الضغط عبر سلطتهم الأبوية على الأبناء وتغييرهم وإعاقتهم عن المسير.
ولأن المحاولات الآبائية تخالف سيرورة الحياة التي تسير إلى الإمام على الدوام، فإن هذه المحاولات تفشل في الغالب، مما يعقد الوضع الاجتماعي في ظل عدم تقبل الأهل لذلك.
على مر التاريخ تجد الآباء يضعون العصي في عجلات دوران التاريخ ويبدون ميلًا للوقوف في وجه الجديد، والد إبراهيم «آزر» وقف في وجه إبراهيم عليه السلام، ووالدة مصعب بن عمير لم تألُ جهدًا في صدّه عن اتباع الدّين الجديد وامتنعت عن الطعام لكي تضغط عليه، من هنا حذر الإسلام من الآبائية وذمها ونبذها مرات كثيرة في القرآن: «قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون». وتحدث عن الدور السلبي للأهل على لسان نبيه: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»، في مقابل نبذ هذه الآبائية التي تمثل «سلطة» الأهل على الأبناء، المباشرة وغير المباشرة، حثّ الخطاب القرآني على البر بالوالدين (البر بمعنى الإحسان والرحمة والتودد) في قوله تعالى: «واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمها كما ربياني صغيرًا»
يريد القرآن أن يقول: كي تكون بارًا اخفض جناحيك لأهلك لكن ليس عليك أن تتخلى عنهما لتقدمهما قربانًا لهما.