عنب بلدي ــ العدد 125 ـ الأحد 13/7/2014
ما إن أصدرت وزارة التربية إعلانًا بموعد نتائج الشهادة الثانوية بفرعيها العلمي والأدبي، حددته يوم السبت 12 تموز، حتى تحولت منشورات الفيسبوك إلى أدعية وابتهالات إلى الله من طلاب البكالوريا بأن يوفقهم ويسدد خطاهم وأن يكرمهم بالنجاح والعلامات العالية، وهو ما يجب أن يحصل عندما يقدم المرء جهده واجتهاده، لكن ما حصل في سوريا هذا العام عند غالبية الطلاب لم يكن كذلك.
هؤلاء الطلاب أنفسهم تحدثوا وأكثروا الحديث عما حصل من غش في قاعات الامتحان، وأنهم طوال هذا العام لم يفتحوا كتبهم ولم يكلفوا أنفسهم عناء الدراسة.
تقول إحداهن «طوال السنة لم أدرس ولم أتشجع لتقديم أوراقي للبكالوريا سوى ما سمعته عما حصل السنة الماضية من غش ومساعدة للطلاب، وكان مثلما توقع الجميع، كان الغش على أبو جنب، كما يقولون». تقول هذه الطالبة نفسها» تقدمت أنا وأختي، التي تركت الدراسة منذ حوالي التسعة أعوام، للامتحان وجاء حظنا أننا كنا معًا، وكان في قاعتنا ضابط يريد أن يحصل على الشهادة الثانوية، بعد ربع ساعة من بدء الامتحان يأتي مجند عنده ومعه حل الأسئلة يعطيه إياها فينقل ما بها ثم يعطيها لباقي من في القاعة فيجتمعون عليها ويأخذون ما بها». ومن المضحك أن أختي التي لا تعرف أصلا محتوى المنهاج، ستحصّل علامات أكثر مني لأنها كانت أوفر حظًا في نقل الأجوبة.
تقول أخرى» عندنا في بلدتنا تولى الحاجز أمر البكالوريا فكلما مرّ أستاذ عليه يهددونه في حال جاءت شكوى عليه بالتشديد على الطلاب في الامتحان بأنهم سوف يعتقلونه»، ويقولون» بدنا ياهن كلهن دكاترة وما منرضالهن أقل من الطب.
لم يكن الغش فقط في المناطق الموالية للنظام، ففي بعض المناطق المستقلة عنه، والتي تستطيع الحد من عمليات الغش، قررت إعطاء الضوء الأخضر للطلاب ليغشوا كما يحلو لهم بحجة أن طلاب النظام ليسوا أفضل منهم كي تكون علاماتهم أفضل.
طالب سنة أولى في طب الأسنان يقول» أسئلة امتحاناتنا في الكلية صعوبتها خيالية حسب ما رأيت أسئلة السنوات التي قبلها، ولم أجد تفسيرًا لذلك سوى أن الدكاترة يعلمون أن أغلب من دخل هذا الفرع دخله بدون أدنى جهد ولا يريدون أن يتخرج إلا من يستحق».
رهف، طالبة بكالوريا، عرفت باجتهادها وذكائها وتعبها الشديد في الدراسة طوال العام، قررت أن لا تنجر كما باقي الطلاب وأن تبتعد عن أي نوع من الغش حتى لو جاء هو إليها، تقول» أريد أن تكون علاماتي حلال ولا أريد أن أخدع نفسي». وتتابع «تعرضت لضغط نفسي كبير عندما أرى الطلاب يدخلون القاعة وقد تسربت إليهم الأسئلة أو عندما أراهم يتشاركون مع بعضهم الأجوبة، وكنت أحاول قدر الإمكان غض مسامعي عن أصواتهم، ولكني أرجو من الله البركة والتوفيق فهو غايتي أصلا من طلبي للعلم».
في ظل هذه الثورة انكشف الكثير من الفساد والخداع والتمييز الطائفي، وأبى المسؤولون عن الامتحانات إلا أن يلوثوا العلم أيضًا ويفسدوا وسيلته وغايته.