عنب بلدي ــ العدد 125 ـ الأحد 13/7/2014
نيقولاي ايفانوفتش، هو الشخصية الرئيسة في المسرحية، ومعظم الأفكار التي أراد تولستوي تضمينها تكمن في حواراته مع زوجته «ماريا» المحتارة والبائسة من ضلالته خارج سرب الكنيسة، على غرار «إني كنت أعمى فيما سبق، تمامًا كأهل بيتي، أما الآن فقد أبصرت ولم أعد أستطيع عدم الرؤية».
عظمة تولستوي ليست فقط في الأفكار وطريقة صياغة الحوارات، بل هي عبقريته في النطق بكلمات «إنسانية»، وردات فعل طبيعية وبشرية، فعندما تتكلم ماريا تشعر حقّا أنها «أنثى»، أنثى تخاف وتحتاج الطمأنينة والهدوء والاستقرار دون هذه الترهات الفكرية.
هي لا تأبه بالكنيسة وكفره بها، بل تريد أن تستمر حياتها مستقرة مترفة تؤمن احتياجاتها وأسرتها فقط.
الطريقة العاطفية التي كانت تتكلم بها ماريا، وردود نيقولاي المقتضبة الفكريّة عليها، تذكرنا فعلًا بما ورد في كتاب «الرجال من المريخ والنساء من الزهرة»، ولا تخفى دلالة هذا الأمر على عبقرية تولستوي الإنسانية.
وتحتل النقاشات الفكرية الطويلة والحديث الداخليّ النصيب الأكبر من المسرحية ذات الفصول الأربعة، ومن الواضح أن التركيز لم يكن على الأحداث وتلاحقها، لكن المهم ما تثيره هذه الرائعة في نفسك من أسئلة وما تطرحه من أفكار.
لذا كان من الطبيعي أن تنتهي دون حلّ لعقد الأمور وتصعيداتها، ومن الطبيعي أكثر أن تنتهي بتساؤل نيقولاي: «هل أنا في ضلال، هل ضللت في أنني أؤمن بك يا ربي؟ لا.. ياربّ.. أعنّي».