هيئة الدفاع المدني في دير الزور .. مهام متعددة وإمكانات ضعيفة
سيرين عبد النور – دير الزور
في إحدى المدارس المهملة من أحياء دير الزور يعمل بعض الشباب الناشطين لتأسيس مقر خاص بـ «هيئة الدفاع المدني»، محاولين جمع ما بقي من أدوات وتقديم ما يستطيعون من مساعدات لأهالي المدينة، لكنّ تشكيل الهيئة ومباشرة أعمالها تأخر في ظل الحاجة الملحة له، بينما اقتصر العمل إلى الآن على جهود فردية بالتعاون مع بعض الكتائب المقاتلة.
ومنذ عدة أشهر بدأ الناشطون، بالتعاون مع المجلس المحلي، محاولات تشكيل هذه الهيئة، لكن الانتقال من العمل الفردي إلى العمال المؤسساتي المنظم تأخر كثيرًا؛ إذ يقول براء الطه، رئيس هيئة الدفاع المدني في الأحياء المحررة، «نحن نعمل بجد منذ عدة أشهر لتأسيس هذه الهيئة»، معترفًا بتأخر تشكيلها، لكنه يبدي تبريره «لقد تعرض المجلس المحلي لعدة اهتزازات أخرت عمله وفاقمت في مشكلات المدينة».
وأوضح براء في حديثه لعنب بلدي «بقيت المدينة وطوال سنتين من التحرير بعيدة عن التنظيم والعمل الحقيقي الجاد، وذلك بسبب أخطاء شخصية وجماعية ومشكلات عدة تعرض لها الناشطون هنا، لكننا استطعنا أخيرًا تجاوز هذه العقبات وتأسيس هذه الهيئة التي نأمل أن تجد الدعم اللازم لتحريكها بشكل يتناسب وحاجات المدينة»، معقّبًا «المهام الملقاة على عاتقنا كبيرة، ونعمل على توسيع كادرنا وتحصيل قدر أكبر من المعرفة والممارسة والفعالية».
أما أبو سعد، وهو سائق سيارة الإطفاء الذي صار مألوفًا يجوب شوارع دير الزور وهو يحاول إطفاء حريق أو إسعاف جريح، فيقول «نحتاج إلى توسيع كادرنا وإلى العديد من الآليات الضرورية لعملنا»، وأكد أن «عملًا جبارًا يقوم به هؤلاء الشباب، لكنه يبقى قاصرًا في ظل الاحتياجات المتزايدة لمدينة لحق بها دمار كبير طال أغلب مرافقها، كما أنها تتعرض لقصف يومي».
ثلاث آليات هي كل ما يملكه «فوج الإطفاء»، وهي قديمة وفيها الكثير من الأعطال بحسب سائد رئيس الفوج الذي انشق عن مديرية إطفاء دير الزور في حي الجورة، ويصف عمله اليوم «نحن نعمل في ظل خوف مستمرٍ، وأي عطل لإحدى الآليات يعني زيادة معاناة الأهالي».
من ناحية أخرى تحاول الهيئة الوليدة خلق فرص جديدة للعمل لأهالي المدينة، ورغم أن العمل فيها لا يخضع لعقد ولا ينص على أجر ثابت، إلا أن المكافآت البسيطة التي ينالها العاملون تساعدهم على تحمل تكاليف العيش في ظل توقف أعمالهم الأساسية.
أحمد، طالب في كلية الاقتصاد يعمل اليوم على سيارة إطفاء تابعة للهيئة، يقول «كنت خائفًا من مشقة العمل ومخاطره ومن عدم الانسجام مع الشباب هنا، لكنني وجدت نفسي بين أهلي وأخوتي»؛ الشاب الذي يصف عمله هنا بـ «المتعب والمسلي»، يضيف ضاحكًا «نخرج في الثامنة صباحًا، ولا نرجع إلا في العاشرة ليلًا لكننا نستمتع بالعمل ولا نشعر بمرور الوقت».
بدوره عزا عمران، وهو أحد ناشطي المدينة، ضعف العمل المدني إلى «الحصار المزدوج المفروض على دير الزور، والخلافات التي حدثت بين الفصائل»، إضافة إلى أن الناشطين «تعرضوا لعمليات التشليح والخطف، وقد شمل ذلك المعدات الطبية والإغاثية والخدمية»، مشيرًا إلى أن بعض الأجهزة والآليات «صودرت وهي متوجهة إلى الدير، واعتقل الذين كانوا يرافقونها، ما جعل الناشطين يفكرون ألف مرة قبل إدخال أي جهاز».
لتبقى الأحياء المحاصرة من دير الزور وحيدة تنتظر مصيرها في ظل التضييق والتشديد المطبق عليها، بينما يحاول ناشطوها الحفاظ على الرمق الأخير بالعمل السلمي والمدني وسط الدمار والركام.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :