عنب بلدي ــ العدد 124 ـ الأحد 6/7/2014
لم يعد نقص المواد الغذائية في مختلف المحافظات السورية مشكلة للأُسر التي تعاني في الأصل انعدام مصادر الدخل مع قدوم شهر رمضان، الذي يحل على السوريين للمرة الرابعة منذ انطلاق الثورة، متزامنًا مع انقطاع الكهرباء وشح المياه ودرجات الحرارة المرتفعة، التي تصل لأكثر من 40 درجة.
يقول محمد، الموظف في إحدى الدوائر الحكومية في دمشق «رمضان العام الماضي كنا نعاني من لهيب الأسعار، أما هذا العام فلم ننتبه لارتفاعها، لأننا غرقنا في تأمين الكهرباء والماء لعائلاتنا»، ويتابع «تأتي الكهرباء 4 ساعات في اليوم وهي لا تكفي لتأمين حاجاتنا اليومية، وأهمها نقل الماء إلى السطح عبر المضخات، إذ شكل انقطاع الكهرباء السبب الرئيسي في أزمة المياه».
وكانت مؤسسة المياه والصرف الصحي حذرت مرات عدة قبل حلول فصل الصيف من أزمة مياه خانقة ستشهدها العاصمة خلال الموسم، وبدأت “برنامج تقنين المياه” الذي تزامن مع برنامج آخر لـ ”تقنين الكهرباء” ازدادت ساعات القطع فيه مع ارتفاع الاستهلاك بسبب الحرّ.
ويأتي ذلك بينما تروج شائعات بأن انقطاع الكهرباء ولساعات طويلة عن قطاعات واسعة من الأراضي السورية، يقف وراءه رجال أعمال وتجار الأزمات من أركان النظام، خصوصًا من مستوردي المولدات الكهربائية المنزلية.
وكان أول من أطلق هذه الشائعات دريد الأسد ابن عم بشار الأسد، الذي كتب على صفحته في الفيس بوك أن انقطاع الكهرباء «ربما له علاقة بمستورد المولدات الكهربائية».
وأيًا كانت الأسباب فإن أزمة الكهرباء عمقت أزمة المياه في دمشق وريفها، ويقول مدير عام مؤسسة المياه والصرف الصحي حسام حريدين، في تصريح له لجريدة الوطن في 22 حزيران، إنه يعمل حاليًا على “إحداث توازنات بين الريف والمدينة ضمن إطار وجود عدالة في تأمين كميات المياه للجميع في مختلف المناطق”، مؤكدا أن وضع الريف “متابع بشكل كبير».
لكن أهالي الريف يؤكدون إهمال قطاعات الخدمات وتدهورها مع مرور الوقت، حيث تعاني المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في ريف دمشق من تنامي ضغط الاستهلاك بسبب نزوح السكان من المناطق المجاورة الساخنة، ما يجعل تأمين كل الخدمات صعبًا جراء الاختلال الذي أصاب التوزع الديموغرافي.
وفي هذا السياق يقول هاني، أحد سكان منطقة جرمانا بريف دمشق، متحدثًا عن صعوبة الوضع في المدينة في ظل انقطاع المياه لأسبوع كامل بعض الأحيان «إن المياه لا تأتي إلى المدينة سوى يومًا واحدًا في الأسبوع في بعض الأحياء، وتصل إلى مناطق أخرى 3 أيام أسبوعيًا لمدة عشر ساعات، ومع انقطاع التيار الكهربائي، لا تتم الاستفادة منها نهائيًا”، موضحًا أن “المياه تأتي حوالي الساعة الثامنة مساءً، والكهرباء تقطع منتصف الليل لمدة 4 ساعات متتالية».
بهذه الحالة، لا يستفيد هاني أو غيره من سكان الريف الدمشقي من المياه بالشكل المطلوب، وخاصة أن المدينة تعتمد على المضخات الكهربائية لرفع المياه إلى الخزانات، و4 ساعات غير كافية لملئها بكمية تستخدم على مدار يومين، كما أن مياه الشركة تكون غالبًا ضعيفة جدًا، وتعجز المضخات ذات الاستطاعة القليلة لرفعها إلى الطوابق العلوية حتى لو توفر التيار الكهربائي.
ورغم هذه المعاناة إلا أن الدعابة وحب الحياة ما تزال موجودة بين السوريين، إذ يتداول الكثيرون نهفات حول رمضان هذا العام ويتناولون معاناتهم بسخرية، منها رسالة وجهها مواطن سوري إلى وزير الكهرباء عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك يقول فيها «عزيزي وزير الكهرباء: لعبنا ورق على ضوء الشمعة، تقبلناها، أفطرنا في العتمة، أيضا تقبلناها، أما أن أفرشي أسناني بمعجون حلاقة فإلى هنا ويكفي».
يذكر أن العاصمة لم تشهد خلال اليومين الماضيين، ولأول مرة منذ شهور، انقطاعًا للتيار الكهربائي، وذلك بالتزامن مع إزالة بعض الحواجز من وسط المدينة، وسط تصريحات رسمية وإعلامية بأن هذه الإجراءات تتخذها الحكومة بسبب تحسن الوضع الأمني في دمشق وتقدم النظام على أكثر من جبهة.