عنب بلدي ــ العدد 124 ـ الأحد 6/7/2014
قدرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، أن عدد اللاجئين السوريين في الأردن سيبلغ مليون لاجئ بحلول نهاية العام الجاري، فيما بلغت تقديرات بيانات المنظمات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة أن حوالي 777 مليون دولار قدمت إلى الأردن حتى نهاية العام الماضي تحت بند «مساعدات لاستضافة اللاجئين السوريين». وتستمر المفوضية في إعراضها عن إقامة مخيمات للمهجرين داخل سوريا دون «مباركة دولية»، نظرًا لمحدودية المناطق الآمنة في الداخل، موضحة لوكالة رويترز على لسان رئيس عمليات المفوضية في الأردن آندرو هاربر أنه «من المهم أن تبقي الدول حدودها مفتوحة، لأن إقامة مخيمات في مواقع خطرة لا يوفر الحماية للناس»، مضيفًا «الفارّون من العنف يجب أن يكونوا قادرين على عبور الحدود بأمان على الأقل».
وفي الداخل الأردني، حيث قرابة 20% فقط من اللاجئين السوريين يقيمون في المخيمات، «تفوق المعاناة كل تصور ممكن» حسب وصف وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، الذي طالب دول جوار سوريا بتشارك ما سماه «العبء السوري»، الذي دعا المملكة لفرض قيود على السماح للاجئين السوريين بالدخول إلى أراضيها؛ وأوضح أن الأردن لا يتحمل هذا الكم من التدفق الذي ولد ضغوطًا من تقاسم موارد، والمنافسة على فرص العمل.
أما الشارع الأردني فتتباين مواقفه من استضافة السوريين، إذ يضطر السوريون للعمل لتأمين ما يؤويهم ويسد رمقهم في ظل غلاء المعيشة، خاصة في المناطق الحضرية، يرى بعض الأردنيين في اللاجئين «مفترسين» لأرضهم؛ ويوضح أحد الشباب الأردنيين العاطلين عن العمل بأن «اللي فينا يا دوب مكفينا» فاللاجئون يحصلون على فرص العمل بينما الأحقية للأردنيين، ويضيف الشاب بأن «نباهة» السوري هي سبب الإقبال على توظيفه، ولكنه لم يجدها مبررًا كافيًا لتفضيل السوري على الأردني «أنا يحق لي أن أعمل عوضًا عنهم». ويعقب الشاب الذي لا يؤيد بقاء اللاجئين السوريين في الأردن «حضن الوطن لا يتسع، والوطن ليس لعابر سبيل».
يعبّر الشاب الأردني عن شريحة واسعة من الأردنيين، لكن في المقابل يتقبل آخرون وجود السوريين ويدعمون تواجدهم على الأراضي الأردنية حرصًا على توفير الحماية والملاذ الآمن لهم. فردًا على سؤال عنب بلدي فيما إذا كان تدفق السوريين هو ما أطاح بالميزانية والاقتصاد الأردني يجيب أبو محمد «السوريون لم يكونوا الطرف المؤثر على الاقتصاد الأردني؛ بل على العكس، تمكن الأردن من الحصول على المليارات لتحسين وضع السوريين… وعلى ماذا حصل هؤلاء اللاجئون؟»
معاناة تحمل بين سطورها قصص تدمع لها العين ويدمى لها القلب تتجاوز المال والاقتصاد، وأقساها قصص طفولة نفتها الحرب من بلادها نحو مستقبل ملؤه الضيق والعوز؛ ففي كراج للسيارات في مدينة إربد تروي ابنة درعا ذات الثمانية أعوام كيف هربت وعائلتها من القصف «ونحنا عم نرجف»، وتحكي تصرفاتها كيف تأبى عزة نفسها الذل «والدي يخرج من الصباح ويعود متأخرًا لكي يؤمن لنا لقمة العيش… وأمي علمتني ألا أقبل أن آخذ شيئًا من أحد».
الطفلة التي لا تزال حافية القدمين، حرمت أيضًا من مقاعد الدراسة، فعائلتها لا تملك المال الكافي لتسجيلها في المدارس الأردنية؛ كحال 38% من الأطفال الإناث و48% من الأطفال الذكور اللاجئين في المملكة، حسب دراسة أجرتها منظمة «كير» العالمية، وهو رقم رغم أنه لا يزال بالغ الارتفاع فإنه يشير إلى تحسن عن العام السابق.