“البطء” رواية تجمع عصرين في مكان واحد لـ ميلان كونديرا
من حبكتين تسيران جنبًا إلى جنب وبعصرين مختلفين، يحاول الروائي التشيكي ميلان كونديرا، أن يبرز فضائل البطء عن طريق قصتي حب تجري إحداهما في القرن 18، والثانية في عصر السرعة والتكنولوجيا.
وتحمل روايته عنوان “البطء”، وهي أول رواية يكتبها باللغة الفرنسية مباشرةً، وليس بلغته الأم، يخلط فيها بين زمنين ببراعة تدفعك إلى تمجيد البطء في نهاية الأمر.
فكونديرا يرى أن عصر السرعة الذي شمل المواصلات، والوصول إلى المعلومة، أثر أيضًا على العلاقات الإنسانية، وخاصةً ذاكرة البشر، ما أدى إلى فقدان الشعور باللذة الذي تحفظه الذاكرة.
كذلك ضاعت الحدود بين الخاص والعام بسبب السرعة الكبيرة التي لا تسمح لنا أن ندرك ونستوعب كل ما نعيشه، فخسرت الكثير من الأشياء قيمتها الحقيقية في حياتنا.
إلا أن قصتي الحب ما هما إلا إطار يستخدمه كونديرا لنقاش قضايا وأفكار تشغل العالم بأسره، من اللذة إلى الخصوصية والشهرة والسياسة وصولًا إلى الفن والأدب وسوى ذلك من القضايا.
كما أن القصتين تجريان في نفس المكان وإن في عصرين مختلفين، ما يجعل القارئ في حالة تأهب فكري دائم لالتقاط التناقضات التي يستدعيها طرح الكاتب.
ويعتبر بعض النقاد أن هذه الرواية لحظة نضج واضحة في أسلوب كونديرا، الذي لم تكن رواياته السابقة تقل عن 400 صفحة، بينما سعى بدءًا من هذه الرواية إلى اختزال وتكثيف الحدث، وطرح الأهم فقط في 200 صفحة أو أقل من ذلك.
يختتم كونديرا روايته بأسلوب صادم جدًا ومفاجئ، إذ يتداخل الزمنان في الرواية، ليتوج بذلك مقارنته بين عصرين، ويضع المنتصر والمهزوم جنبًا إلى جنب، وكأنه يقول “انظروا هذا ما جنته السرعة علينا”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :