عنب بلدي – داريا
بدأ رمضان الثاني على مدينة داريا وهي ما تزال محاصرة من قبل قوات الأسد، وسط معاناة الأهالي والمقاتلين الذين مازالوا داخلها، حيث يصعب عليهم توفير حاجاتهم، بينما تحيطهم أجواء الحنين لرمضان بصحبة أهلهم وأبنائهم، إضافة لانشغالهم بأمور القتال والقيام بالأعمال المدنية عن القيام بالطقوس الرمضانية التي اعتادوا عليها.
يقول مراسل عنب بلدي في داريا، إن تجهيزات رمضان بدأت قبل أسبوع، وأخذ بعض عناصر الجيش الحر يأمنون احتياجاتهم الأولية لإعداد وجبات الفطور والسحور، في ظل غياب زوجاتهم وأمهاتهم.
أبو جعفر، أحد مقاتلي الجيش الحر، أحضر فرنًا صغيرًا ليخبز عليه في رمضان وهو على الجبهة، وبالنسبة للطبخ فـ «الأمر أسهل بكثير» كما وصفه، فكل ما يحتاجه هو «علبة سمنة فارغة لأصنع منها موقد على الحطب، لأن الغاز والمازوت غير متوفران في المدينة إلا بكميات قليلة».
بدوره أبو حسان قام بتصميم مروحة تعمل على البطارية بتوتر 12 فولط، تقيه الحر في نهار رمضان خلال الصيام، فكهرباء المولدات لا تتوفر سوى ساعتين فقط باليوم.
وأفاد مراسل عنب بلدي في داريا، أن المجلس المحلي سيقوم بتوزيع وجبة غذائية دائمة، كما سيتم توزيع كمية من الطحين لكل عنصر، ومبالغ مالية ليقوم العناصر بشراء مواد للسحور.
أبو عمر، أحد سكان المدينة، أشار إلى أنه كان يرفض «عزايم» الإفطار في رمضان، مفضلًا قضاء تلك الأوقات مع أهله، لكنه شهر رمضان الثاني الذي يقضيه وهو بعيد عنهم. وأضاف أنه فقد تلك الأهمية التي كان يعدها لرمضان فـ «الأيام تسير على روتين قاتل ولا أظن أن رمضان سيلغي هذا الروتين، وإنما قد يزيده لأننا يجب أن نضاعف حذرنا خشية محاولة قوات الأسد اقتحام المدينة». ويقول أبو عمر أنه في شوق لطعام أمه والجلوس بعد الإفطار مع العائلة، ولكنها باتت «حلمًا بعيد المنال» كما يصف.
بينما أفاد أبو أحمد، أحد سكان المدينة، أنه يحن إلى «صلاة التراويح في مساجد المدينة التي كانت تمتلئ بالمصلين، وكانت أصوات التلاوة تملأ جميع أنحائها خلال التروايح»، بالإضافة إلى «زحمة المواصلات قبل أذان المغرب بدقائق في منطقة الترب وسط المدينة».
ويحاول أهالي المدينة التكيف مع ظروف الحياة الصعبة التي يمرون بها، والاكتفاء بالحد الأدنى لاستمرار بقائهم نظرًا لانقطاع الموارد من خارج المدينة.
الأجواء الرمضانية التي اعتاد عليها أبناء داريا لم تعد موجودة في ظل نزوج معظم سكانها وتعرضها لمحاولات الاقتحام المتكررة، إلا أنّهم يحاولون الترويح عن أنفسهم بجلسات شبابية على السحور والإفطار.