في دير الزور.. ضفاف الفرات عطشى
سيرين عبد النور – دير الزور
أطفال ونساء ورجال يحملون أوعية ينقلون بها الماء إلى بيوتهم، مشهد صار مألوفًا في أحياء دير الزور المحررة، حيث تعاني من انقطاع مستمر للمياه سببه القصف المستمر وغياب الصيانة، إضافة إلى الفوضى التي عمّت الكثير من المرافق في المدينة وريفها، بعد السطو على محطات المياه وسرقة أدواتها.
محمد، أحد سكان مدينة ديرالزور وأب لأربعة أطفال أكبرهم يبلغ السابعة من عمره، يقطع في كل يوم عدة شوارع، يشرف عليها كلٌ من قناص النظام في «حاجز جميان» وقناص دولة العراق والشام في الضفة الأخرى من الفرات. لكن محمد يخاطر بنفسه كل يومٍ لإحضار ما يكفي من مياه الشرب لعائلته؛ يقول محمد مشيرًا بيده نحو محطة المياه القديمة التي تقع عند مدخل «الحويجة» «كان بإمكاننا أن نستخدم هذه المحطة لكنها أصبحت في مرمى نيران النظام وداعش… من يحاول الاقتراب منها يعرض نفسه للموت».
وباتت ضفتا النهر ميدان معارك بعد أن سيطرت «دولة العراق والشام» على قرى «الحسينية وحطله» وبقيت مدينة ديرالزور بيد «مجلس شورى المجاهدين» على الضفة الثانية، في ظل تصعيد مستمر بين الطرفين ونشر كل منهما لقناصيه، ما جعل كل من يقترب من ضفاف النهر معرضًا لنيران القناصة، خصوصًا بعد محاولات مجلس الشورى لفك الحصار المطبق من التنظيم على أحياء المدينة، والتي لم تنجح، ما أسفر عن إغلاق «جسر السياسية».
أمتار قليلة تفصل بين شاطئ النهر «المحرّم» وبيت محمد الذي يقع في «حويجة صكر»، حيث تعتبر مياه النهر المصدر الأساسي للشرب ولسقاية الاراضي، بعد انقطاع المياه المعالجة التي كانت تستجر بالأنابيب من محطات التصفية داخل المدينة، لكنها توقفت منذ عدة أشهر مع بداية القصف على المدينة وتدمير بنيتها التحتية، إضافة إلى سرقة قطع وأدوات محطات التصفية، ولذا فأغلب تلك المحطات اليوم توقفت عن العمل.
وما إن تنقطع الكهرباء عن ديرالزور حتى يتبعها انقطاع الماء، بسبب توقف محطات الضخ والتصفية التي تغذي المدينة بالمياه، ما جعل أغلب الأحياء تعيش في حاجة يومية للمياه.
ويذكر هنا أن الكهرباء تنقطع لفترات طويلة عن المدينة، لأن محطة جندر التي تستجر منها الكهرباء باتت هدفًا رئيسيًا لدى المقاتلين الذين يحاولون «لي ذراع النظام أو توسيع ثرواتهم ومناطق نفوذهم» بحسب ناشطين في المنطقة؛ وفي كلتا الحالتين تستهدف خطوط الغاز وحقوله التي تغذي المحطات الكهربائية كحال «حقل كونيكو»، أو باستهداف خطوط التوتر وبخاصة خطا الـ 400 والـ 66 الممتدان في بادية ديرالزور.
وقد حمّل شح المياه في أحياء المدينة «هيئة الدفاع المدني» مهام جديدة تتمثل في نقل المياه إلى الأحياء ومن بقي من السكان، إضافة إلى المقاتلين على الجبهات المختلفة؛ يقول أبو عبود، وهو ضابط منشق يشرف اليوم على عمل الدفاع المدني، «عملنا يدعم جبهات القتال في المدينة ويساعد المقاتلين إضافة، إلى تعزيز صمود الأهالي المتبقين هنا».
بينما يقول براء الطه رئيس هيئة الدفاع المدني «نحاول العمل بكل ما نستطيع لتأمين مولدات كهربائية تحقق لنا إكتفاءً ذاتيًا، لكن كل محاولاتنا اصطدمت بالقتال المستمر والحصار المفروض على ديرالزور».
وهكذا تحرم مدينة الزور التي تعتبر المخزون الأكبر للماء والكهرباء في سوريا، من أبسط مقوماتها وثرواتها، عدا عن ثرواتها النفطية، التي تحاول القوى المؤثرة في المنطقة (قوات الأسد، قوات المعارضة، دولة العراق والشام) السيطرة عليها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :