24 عامًا على غياب نهاد قلعي.. و41 عامًا على الجريمة
تختلف الروايات التي يتناقلها السوريون عن بداية نهاية الكاتب والممثل نهاد قلعي، وبالرغم من تحوير بعض تفاصيلها بين طرفي المعارضة والموالاة، إلا أن مشهدًا دمويًا يبقى مسيطرًا على هذه الخاتمة.
هل كانت القضية مدبرة؟
في أواخر سبعينيات القرن الماضي، أي بعد تولي حافظ الأسد للحكم في البلاد بسنوات قليلة، جمع مطعم “النادي العائلي” في باب توما بدمشق، كل من قلعي وتوأمه الفني دريد لحام، والممثل والملحن السوري شاكر بريخان.
وكان الثلاثة في استقبال ضيفهم الصحفي اللبناني جورج إبراهيم الخوري، وفق ما ذكر الناقد السينمائي بشار إبراهيم في كتابه “سينما نهاد ودريد”.
وصدف أن رجلًا غريبًا سخر من قلعي، فشتمه الأخير، ليُفاجئ السينمائي والمسرحي القدير بضربة كرسي على رأسه، قبل أن يوسعه الرجل الذي اتضح أنه ضابط من سرايا الدفاع، ضربًا شديد القسوة.
وكانت سرايا الدفاع قوى عسكرية غير رسمية رديفة للجيش السوري، ويترأسها رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد، وارتكبت العديد من المجازر في ثمانينات القرن الماضي بعد اندلاع ثورة في محافظة حماة.
وبالرغم من مرور 15 عامًا بعد الحادثة، عانى خلالها قلعي المرض والشلل قبل أن يفارق الحياة في 17 تشرين الأول 1993، يربط السواد الأعظم من الناس، من بينهم بشار إبراهيم نفسه، بين اعتداء الضابط وتدهور الحالة الصحية لقلعي، والتي أدت به معزولًا ومنبوذًا حتى وفاته.
من “غربة” إلى “الدحداح”
جرت هذه الحادثة سنة 1976 بعد عرض مسرحية “غربة”، وهي آخر الأعمال المسرحية التي أنجزها قلعي، والتي كرّم حافظ الأسد بعدها دريد لحام بوسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، متجاهلًا نهاد قلعي، المؤلف وصاحب الفكرة الذي صنع نجومية زملائه.
هجر الأصدقاء قلعي بعد الحادث، وعتّم على وجوده الإعلام، وكأنه دفن رسميًا بالحياة، فأنجز خلال هذه الفترة بعض قصص الأطفال المصورة لمجلة “سامر”.
توفي نهاد قلعي في مستشفى الهلال الأحمر، بعد أن تفاقمت أمراضه، وجاءت أزمة قلبية لتضع حدًا لمشواره في الحياة، وتم تشييعه من جامع لالا باشا في حي المهاجرين الدمشقي، ودُفن في مقبرة الدحداح، بعد أن تخلى عنه نجوم صنعهم فكره أبرزهم دريد لحام.
وفي عام 2008 منحه النظام ميتًا وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، وفي العام الماضي، أي بعد 23 عامًا من وفاته أطلقت محافظة دمشق اسمه على حارة في المهاجرين.
واخترع قلعي عدة شخصيات كوميدية درامية ما تزال مؤثرة في جمهور التلفزيون والسينما والمسرح السوري والعربي حتى اليوم، أشهرها “حسني البورظان” التي جسدها قلعي، و”غوار الطوشة” التي جسدها دريد لحام.
كما أسس عام 1960 المسرح القومي وأداره بتكليف من وزارة الثقافة، وأخرج على خشبته أهم مسرحيات الوطن العربي مثل “ضيعة تشرين” و”مسرح الشوك”.
وما يزال نهاد قلعي حتى اليوم بصورته اللطيفة التي عرفه بها الجمهور حاضرًا في ذاكرة السوريين، ورمزًا للظلم الذي عاناه المبدعون الأنقياء في دولة الأسد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :