عنب بلدي ــ العدد 123 ـ الأحد 29/6/2014
يعد شهر رمضان موسمًا اقتصاديًا استثنائيًا بالنسبة لقطاعات عديدة، وترتفع مع هذه الاستثنائية أحجام الطلب على المواد الغذائية وتتصاعد الأسعار، ويصبح أرباب الأسر على موعد مع نزيف مالي يبدأ مع أول أيام شهر الصيام ولا ينتهي مع آخر يوم، إذ يتم التجهيز بعدها لموسم العيد.
- أسواق دمشق كئيبة وخاوية
لم تكن الأسواق السورية كئيبة وحزينة كما هي عليه اليوم، تلك هي السمة العامة التي تظهر في شوارع العاصمة، فالأسعار التي جاوزت في ارتفاعها لهيب حرارة شمس تموز، جعلت السكان يقفون مكتوفي الأيدي أمام أسعار السلع، الأمر الذي بات يحرمهم من تبضع المواد الأساسية، ومن بينها الخضار والفواكه والمواد الغذائية، إذ سجلت مراسلة عنب بلدي في أسواق العاصمة الأسعار التالة: بندورة 150 ليرة، سكر 190 ليرة، لبنة 550 ليرة، لحم دجاج 575 ليرة، لحم غنم 1900.
وحول ردود أفعال المواطنين حول هذه الأسعار تقول أم علي، ذات الأربعين عامًا والأم لثلاثة أطفال، «الأسعار اليوم لم تعد تطاق وبتنا بالكاد نؤمن قوت يومنا، أما المونة وتحضيرات رمضان فقد أصبحت من المنسيات».
بينما يقول مصطفى، 35 عامًا، والموظف في إحدى صالات بيع الملابس الرياضية في منطقة الفحامة، «لقد رفعوا أسعار المواد التي نحتاج إليها بكثرة مثل الأرز والخضراوات واللحوم قبل شهر رمضان، فكيف خلال هذا الشهر»، ويضيف «إن ارتفاع أسعار هذه المواد أمر معتاد في رمضان، كونه مرتبط بعامل ارتفاع الطلب عليها وككل عام تعلن الحكومة عن إجراءات لكبح جماح التضخم، لكن لم يؤثر أي قرار على المستغلين من التجار في هذا الشهر».
فيما يتحسر أبو فادي، صاحب إحدى البقاليات في منطقة الكسوة في الريف الدمشقي، على محله الذي كانت تزينه البضائع المتنوعة في مثل هذا الوقت من العام في السنوات السابقة، ويبرر ارتفاع الأسعار بقوله «إن السبب الرئيسي للارتفاع هو سعر الدولار، ناهيك عن منع الحواجز المنتشرة على مداخل المدينة من إدخال السيارات التي تحمل البضائع، وسوء الوضع الأمني، كل هذه الأمور أوصلتنا إلى هذا الحال»، هكذا ينهي أبو فادي كلامه، وهو يشير بيده إلى رفوف محله الفارغة، فالبضائع مفقودة على الرغم من غلائها.
- شهر يحمل الحسرة
لن يكون لرمضان هذا العام بهجة كما كان في السابق، خاصة لمن تشرد من منزله وبات يسكن في مراكز الإيواء، أو من سافر أو هجّر من منزله قسرًا وترك خلفه إما زوجًا معتقلاً أو أبًا لشهيد. تقول هبة، وهي زوجة معتقل، «أشعر بالاكتئاب كلما أتى رمضان وزوجي بعيد عني ولا أعلم ما هو حاله الآن، كانت تنتابني الحسرة كلما جلست على مائدة الإفطار وحيدة وأنا أنتظر قدومه في رمضان الماضي».
- تحدي الأزمة
على الرغم من الأزمة، فإن شهر الصوم بالنسبة إلى كثيرين هو شهر الجود والبركات، وبالتالي لا مكان فيه للاقتصاد والتوفير، فحزام التقشف لا يمكن شده بالنسبة لهؤلاء إلا بعد عيد الفطر. تقول أم سعيد، ربة منزل، «إنه الشهر الوحيد الذي تجتمع فيه عائلات بأسرها حول موائد كبرى»، «الأزمة ليست مهمة» كما تقول، مؤكدة أن الناس ينسون همومهم في هذه اللقاءات، فالجميع في رمضان يدعو ويُدعى إلى موائد الإفطار، كما لو أنه مناسبة لمن يشتري أكبر قدر من الطعام ويُعدّ أكبر عدد من الأطباق، على الرغم من الغلاء، «إلا أننا لن نسمح لأحد أن يحرمنا متعة هذا الشهر وحميميته».