عنب بلدي ــ العدد 123 ـ الأحد 29/6/2014
القلق شعور طبيعي نشعر به جميعًا تحت ظروف نفسية معينة أو عندما نشعر بالخطر، بغض النظر عن كون هذا الخطر حقيقيًا أم وهمًا. إذ تقوم مشاعر القلق بالتنبيه للخطر أو التهديد حتى يمكن تجنبه.
أحيانًا يكون القلق تحفيزيًا، حيث يكثف الإنسان طاقاته ومجهوداته من أجل إحراز الفوز أو النجاح مدفوعًا بخوفه من الفشل والهزيمة، وقد يزيد القلق فيجتاز حد التحفيز ويصبح عائقًا يحول بين الإنسان وقدرته على التصرف ليسمّى حينئذ بالقلق المرضي، وهذا يعتمد على طبيعة الشخص والموقف.
الأطفال الذين يعانون من القلق ربما لا يعرفون ما هو سبب العواطف والمخاوف والأحاسيس التي يمرون بها، حتى الخبراء لا يعرفون بالضبط ما الذي يقلقهم، إلا أنهم يرجحون مجموعة من العوامل التي قد تلعب دورًا بخلق هذا التوتر، منها الوراثة والكيمياء الحيوية في الدماغ. فمثلاً إذا كان أحد أفراد الأسرة لديه هذا الاضطراب، فإن هذا قد يعطي فرصة أكبر لحدوثه مع باقي الأفراد، إلا أن هذا ليس معناه أن جميع الأسرة سوف تعاني منه.
أيضًا هناك أحداث تمرّ في حياة الطفل يمكن أن تمهد الطريق لاضطراب القلق في طفولته أو في وقت لاحق من حياته، سواءً من وفاة أحد أفراد العائلة أو طلاق أو إهمال أو نقد متكرر أو عدم الثبات في معاملة الطفل أو الإحباط المتزايد أو بسبب توقعات الآباء للإنجازات الكاملة لأطفالهم.
كما أن الأسرة التي يسود فيها العنف ويتعرض الطفل فيها لسوء معاملة فإنه يكون أكثر عرضة للمعاناة من القلق، فهو يتعلم أن يكون خائفًا أو أن يتوقع الأسوأ دائمًا، أو قد ينشأ شخصية قلقة بسبب تعلمه وتقليده لهذ السلوك من والديه.
ولكن على الرغم من أن جميع الأطفال قد يعانون من القلق في بعض الحالات، خاصةً أولئك الذين يعيشون أحداثًا مؤلمة، إلا أنها قد لا تتطور إلى اضطرابات القلق لديهم.
القلق له أعراض مختلفة تكاد تشترك بسمات معينة وهي الاستمرارية والتأثير على حياة الطفل الدراسية والاجتماعية والعائلية. وهذه الأعراض قد تأتي فجأة أو بشكل تدريجي ومنها القلق المفرط معظم أيام الأسبوع وأحيانًا لأسابيع متتالية، كصعوبة في النوم ليلًا أو النعاس أثناء النهار، الأرق والإحساس بالتعب خلال النهار، إضافةً إلى الهيجان والصعوبة في التركيز.
هذه الأعراض يمكن أن تؤثر على أداء الطفل يومًا بعد يوم، وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بالتركيز في المدرسة والنوم وتناول الطعام. فمن الشائع أن الأطفال يتجنبون الحديث بما يشعرون به، لأنهم قلقون من أن الآخرين، وبالتحديد والديهم، قد لا يفهمون ما يمر به طفلهم، وقد يخشى الطفل من أن يحكم أهله عليه ويعتبرونه ضعيفًا وخائفًا.
وتعتبر الفتيات أكثر قابلية للتعبير عن قلقهم، بينما يجد الفتيان صعوبة في التعبير عنها.
- تقنيات للأهل قد تساعدهم في تخفيف القلق عن طفلهم:
– كن صبورًا وإيجابيًا وحاول أن تغير في طريقة معاملتك لطفلك، وشجعه على التعبير عن مشاعره من خلال الاستماع الجيد وإظهار تعاطفك معه، وإذا رفض التكلم معك حاول أن تظهر حبك ودعمك له، والجأ إلى طرق أخرى لمساعدته للتعبير عما يمر به من خلال مشاركتك معه بممارسة الهواية المفضلة له مثل الرسم، كرة القدم…
– علم الطفل تمارين الاسترخاء من أجل السيطرة على الشعور الداخلي بالتوتر النفسي.
– تمسك بالروتين، وذلك من خلال تحقيق التوازن في أي تغييرات قد تحدث على صعيد الأسرة وخاصة وقت النوم والطعام.
يجب عرض الطفل على الأخصائي النفسي بحال كان الطفل يعاني من القلق بشكل شديد وملحوظ، وذلك لمعرفة أعراضه وتشخيصه بدقة ووضع خطة لمساعدته على التعافي منه، لأنه في بعض الحالات قد يحتاج إلى أخذ أدوية معينة، إضافة إلى العلاج النفسي.