عنب بلدي ــ العدد 123 ـ الأحد 29/6/2014
- النص لخدمة الإنسان
جُعل النص لخدمة الإنسان وليس الإنسان لخدمة النص. الأنبياء رسالتهم العلم والرقّة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (سورة الأنبياء، 107). ما نراه اليوم هو جهل وقسوة. ولا يمكن لوم الدين أو الثقافة بشكل سطحي لما يحدث لنا. علينا لوم آليات تفكيرنا وكيف تم تحويل النص والخواطر والأفكار إلى أصنام تعبد على حساب الإنسان. الإنسان نفخ الله فيه من روحه وأسجد له الملائكة وكرمه بدون شرط. {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (سورة الإسراء، 70). لا يوجد شيء في العالم يسمح لنا بانتهاك هذا. ولكن نعيش في ثقافات تنتهك الإنسان لتعبد الأفكار والكلمات والخواطر، وصارت الكلمات والمفاهيم على حساب تكريم الإنسان.
- تجويع النزعات
الرغبات البشرية والأماني مثل الوحوش الأسطورية. كلما أطعمتها لتهدئها زاد نهمها. الطريقة الوحيدة للتحرر من مخالبها وأنيابها هي تجويعها. جاء شهر رمضان. ومعه يحمل دعوة للحرية، لنتعلم كيف نجّوع نزعاتنا عن قصد. ليست فقط الرغبات الفيزيائية، ولكن كل الظلال السوداوية التي تقطن داخل أنفسنا وورطتنا أن نطعمها دائما ونغذيها: الغضب، الحزن، الأنانية والرغبة في استجلاب محبة الآخرين وإرضائهم، وطبعًا كل أنواع الهوس الأهوائية. كن محاربًا حقيقيًا. كن حرًا واكسر قيدك {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (سورة البقرة، 183)
- التفكير بالوسائل
تتدخل النساء لتحمي موسى من فرعون. وتتبناه زوجة فرعون وتربيه في البلاط الملكي في ظل مشاعر القوة والسيادة. فماذا يفعل عندما يكبر ويرى الظلم؟ يقتل رجلًا. تعلّم الولد طريقة فرعون في تحقيق ما يريد. فتقول النسوة «ألم تر كيف قاومنا فرعون، كلنا خارج البلاط وداخل البلاط ونجحنا في إنقاذك؟» فيضطر موسى إلى الهرب والعزلة حتى يعرف تمامًا أن الله حق وأن ما وجد عليه آباءه ليس رشيدًا، وأن ما ربته عليه أمه هو الرشد وهو طريق مقاومة الطاغوت، لأنه يختصر المعاناة والدم ويزيد احتمالات النجاة والنجاح. إنهاء الظلم وقول الحق يتطلب التفكير بالوسائل.