عنب بلدي – رهام الأسعد
“حصولي على الجائزة يعزيني قليلًا، إلا أنه لا يعوضني ولا يعوض السوريين عن الخسارة والمعاناة التي عشناها، لا يعوضنا عن أرضنا التي كنا نقاتل لتكون حرة”، تقول المصورة السورية وعد الخطيب لعنب بلدي بعد تسلمها إحدى أهم الجوائز الدولية “إيمي”، في 6 تشرين الأول الجاري، عن تغطيتها الإخبارية لمدينة حلب في الفيلم الوثائقي “داخل حلب”.
وعد، التي نقلت صورًا مختلفة عن الحياة في أحياء حلب الشرقية، نهاية العام الماضي، أصبحت جزءًا من هذه الصور حين خرجت مع مدنيين هُجّروا قسرًا من تلك الأحياء ضمن اتفاق تسوية، تلاه سيطرة النظام السوري، بغطاء روسي، على المدينة.
حلب على شاشات “إيمي” العملاقة
عملت وعد الخطيب لصالح القناة البريطانية الرابعة “Channel4 News”، منتجة جملة من التقارير الإخبارية عن مختلف جوانب الحياة في مدينة حلب، جُمعت كلها في فيلم وثائقي واحد، قاد وعد لتكون صاحبة “أفضل تغطية إخبارية” في جائزة عالمية.
يظهر في الفيلم جانب من الدمار الذي طال المدينة بفعل القصف، يقابله جانب من معاناة الأهالي وسط غياب الكهرباء والماء والغذاء.
إلا أنه في أطراف الفيلم تظهر مجموعة من الأطفال يسبحون في حفرة خلفها برميل متفجر وتسرب إليها الماء، ليخلق لهم الفرح عكس ما كان يشعر به أهاليهم.
وعد عرضت أيضًا تقارير من داخل المشفى الميداني الذي كانت تعيش فيه مع زوجها الطبيب، وأبرز بصمة لها هناك حين نقلت معاناة امرأة حامل أصيبت ببرميل متفجر، ما استدعى إخراج جنينها المصاب بعملية قيصرية، ليعود للحياة بعد جهد الأطباء، حسبما قالت وعد.
وحصد تقريرها هذا، الذي حمل اسم “حياة جديدة في مدينة ميتة”، ما يزيد عن مليون مشاهدة فور طرحه على موقع “يوتيوب”، حين حاولت وعد من خلاله بث الأمل بأن الحياة مستمرة في زخم الموت.
وبذلك صُنفت تقارير المصورة السورية ضمن الفيديوهات “الأكثر إقناعًا”، فقد نقلت عدستها جوانب من حياة المدنيين غفل عنها الإعلام، في وقت لم تتوقع فيه أن تظهر تقاريرها على شاشة مركز “لينكولن” العملاقة في نيويورك، معلنة عن نيل جائزة “إيمي” 2017.
ناشطة منذ “الحراك السلمي”
اختارت وعد الخطيب، مع بدء الحراك السلمي في سوريا عام 2011، وضع حياتها على المحك لتنقل عدستها المظاهرات المناهضة للنظام السوري، محاولة إيصال صوت شعبها للعالم، في وقت حاول النظام فيه نقل صورة مغايرة تحت مسمى “المؤامرة الخارجية”.
“قلعة حلب الثانية” كان أول تجاربها في صناعة الأفلام الوثائقية، نقلت من خلاله الحراك الثوري في جامعة حلب عام 2011، ونشرته قناة “أورينت” آنذاك، ليتبعه تقارير مصورة حملت اسمها على قناة “العربية” و”أورينت”.
تركت وعد جامعة حلب التي كانت تدرس فيها، مع تحول الحراك السلمي إلى مسلح، وانتقلت عام 2012 إلى أحياء حلب بعد سيطرة فصائل المعارضة عليها، وهناك بدأت بنشر أفلام قصيرة بأدوات بسيطة عبر “يوتيوب”، قبل أن تنتقل للعمل الاحترافي لصالح القناة البريطانية الرابعة عام 2015.
توجهت وعد بالشكر والتقدير لجهود القناة البريطانية التي آمنت بها ودعمتها، وقالت لعنب بلدي “كان هناك انسجام بالعمل بيننا، أنتجنا تقارير مهمة كثيرًا بالنسبة لي”.
ومع ذلك، اعتبرت الشابة ابنة مدينة حلب أن أهالي مدينتها هم من يستحقون الجائزة العالمية على صبرهم ومعاناتهم رغم يقينهم بأن معركتهم خاسرة.
سوريون في “إيمي 2017”
لم تكن وعد الوحيدة التي نالت جائزة “إيمي” الأمريكية للبرامج التلفزيونية المختلفة، والتي تقابل جائزة “أوسكار” المقتصرة على الأفلام السينمائية، إذ كان فيلم “أطفال سوريا” حاضرًا أيضًا على الشاشة العملاقة خلال حفل حضرته شخصيات غربية رفيعة المستوى.
وحصد الفيلم، الذي صور معظم مشاهده عضو رابطة الصحفيين السوريين، محمود الحاجي عثمان، جائزة “إيمي” العالمية 2017.
ويروي الفيلم، الذي أُنتج عام 2016، قصة أربعة أطفال سوريين عانوا من الحصار في مدينة حلب، ليلجؤوا بعدها إلى ألمانيا عبر البحر، وعُرض الفيلم في برنامج “فرونتلاين” على شبكة “بي بي اس” الأمريكية.
وعبر عثمان، في حديثه إلى الرابطة، عن فخره للحضور القوي الذي حققه السوريون في جائزة “إيمي”، وذلك بعد فوز وعد الخطيب وقبلها الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) بجوائزها.