خطيب بدلة
أثنى سيرجي لافروف، لافروف ما غيره، وزير خارجية الدول التي تريد إبقاء بشار الأسد في السلطة إلى الأبد، على اجتماعات أستانة بشأن تسوية الصراع السوري، وأكد أن بلاده تؤيد خطوات المملكة العربية السعودية لتوحيد المعارضة السورية، حتى تستطيع المعارضة المشاركةَ في محادثات السلام وهي موحدة. (المصدر: عنب بلدي).
أضحكني الآن، ويضحكني على الدوام، استخدام بعض السياسيين والإعلاميين العرب والأجانب مصطلح “المعارضة السورية” حينما يجري الحديث عن الناس الذين كفروا بحكم النظام العائلي الوراثي الاستبدادي المجرم، الذي أسسه حافظ الأسد في سوريا. فكلمة “المعارضة” توحي لسامعها أو قارئها أننا نعيش في بريطانيا العظمى حيث يجلس ممثلو بعض الأحزاب السياسية إلى يمين البرلمان، ويجلس ممثلو بعضها الآخر إلى يساره، ويختلف الطرفان بالآراء والأفكار والمشاريع. أو في أمريكا حيث الديمقراطيون يحضّرون أنفسهم لإبعاد الجمهوريين عن الرئاسة في الانتخابات المقبلة، باحثين عن أفضل السبل التي تبيض صفحتهم أمام الناخبين، أو في سويسرا أو فرنسا أو ألمانيا حيث المعارضة تنتقد الحزب الحاكم والحكومة في كل المحافل، وعلى الملأ، أو أنه، على الأقل، يعيش في دولة العدو الإسرائيلي التي يحترم سكانها، رغم عنصريتهم وعدوانهم على الشعب الفلسطيني، النهج الديمقراطي، حتى ولو أدى إلى وصول اليمين الليكودي المتطرف إلى الحكم.
لخص حافظ الأسد، فور نجاح انقلابه واستيلائه على السلطة السورية، نظرته إلى المعارضة، بحسب ما نُقل عن السفير المرحوم حمود الشوفي، بقوله:
– هناك من يريد منصبًا سيأخذه. وهناك من يريد مالًا سأعطيه. وهناك فئات ستُعارض سيكون مصيرها السجن.
قال حافظ الأسد هذا الكلام البسيط الذي يتوعد به من يعارضه بـ “السجن فقط”، حينما كان يسبح عند بداية شاطئ بحر السلطة، يعني في الرقراق، ولكنه، بعد أن تعمّق في تثبيت حكمه، شرع يقتل المعارضين السوريين، أو الذين يتوقع أن يكونوا معارضين، بطرق مختلفة، شنقًا، أو رميًا بالرصاص، أو تحت التعذيب، أو بتدمير بيوتهم فوق رؤوسهم مثلما حدث في حماه وحلب وجسر الشغور وسجن تدمر بين عامي 1980 و1982، أو بسَوقهم للمشاركة في اقتتال الإخوة في لبنان، ليموتوا هناك على هيئة “فرق عملة”.
في وقت لاحق نسف الأسد مفهوم السجن من شروشه، وجاء مكانه بـ “المعتقل” الذي يموت الناس فيه من القهر، والكمد، والعذاب، وطول الزمن ولانهائيته.. وأما الباقون على قيد الحياة وهم يحملون بذرة المعارضة فقد أذلهم إذلالًا قد لا يقع مثله في مكان آخر من العالم، إذ فتح لهم -على حسابه- جبهةً وطنية تقدمية، فأصبحت ترى رئيس حزب سياسي “معارِض”، ذا ربطة عنق واصلة إلى خصيتيه، يمضي الليل وبعض النهار وهو يفكر كيف سيسابق رؤساء الأحزاب المعارضين الآخرين في إلقاء الخطب الحماسية التي تشيد بحافظ الأسد وبقيادته الحكيمة وعطاءاته.
يمدحون الديكتاتور، ويحلفون أنه قائد تاريخي لا يتكرر.. وإن شاء الله عمرها ما تكون معارضة، ولا “مضارطة”.