عنب بلدي – خاص
من لندن انطلقت الحافلة الحمراء “دمشق” حاملة صور معتقلين ومغيبين قسرًا في السجون السورية، ضمن حملة “عائلات من أجل الحرية”، والتي أطلقها أهالي معتقلين، الأربعاء 11 تشرين الأول، في العاصمة البريطانية لندن.
الباص اللندني الشهير حمل من الخارج صور عشرات المعتقلين ولافتة كُتب عليها “دمشق”، وأخرى كتب عليها “الحرية للمعتقلين”، بينما جلست داخله ست نساء سوريات اعتُقل أبناءهن منذ سنوات، ليصبحوا مجرد أسماء في الملف المنسي.
بقيت قضية المعتقلين في سوريا محط جدل في المباحثات والمؤتمرات الدولية الباحثة عن حل سياسي، وسط مطالب بتحييده وإبعاده عن أي تسويات سياسية.
ومع غياب الأرقام الرسمية، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وجود 117 ألف معتقل سوري بالأسماء، إلا أن التقديرات تشير إلى أن العدد يفوق الـ 215 ألف معتقل، 99% منهم موجودون في معتقلات النظام السوري.
حين أصبح الباص “رمزًا”
بيان شربجي، التي اعتقل النظام أخويها في مدينة داريا قبل ست سنوات، شاركت في الحملة، التي تهدف إلى تعريف الشعب البريطاني تحديدًا والأوروبي بشكل عام، بقضية المغيبين قسرًا في سجون النظام، وظروف الاعتقال البعيدة تمامًا عن تصور البريطانيين، وفق ما قالت لعنب بلدي.
وأضافت بيان أن الحملة اختارت فكرة الباص كونه أصبح رمزًا لدى السوريين، سواء حين كان عناصر من نظام الأسد يعتقلون المتظاهرين فيه عام 2011، أو حين ارتبطت الباصات بتهجير المدنيين من مدنهم قسرًا، وفق اتفاقيات “إخلاء المدن” التي اعتمدها النظام السوري أثناء استرداده مناطق خرجت عن سيطرته.
ومن المقرر أن يجوب باص “الحرية” مدنًا أوروبية عدة لتعريف الشعب الأوروبي على ظروف المعتقلين، فالشعوب التي تربت على احترام حقوق الإنسان لا يمكنها أن تتخيل أن تعتقل حكومة ما شخصًا في ظروف غامضة دون السماح لأهله برؤيته ومعرفة مكانه، حسبما قالت بيان.
وتابعت “نتمنى أن تكون نهاية هذا الباص في دمشق، ليُفرج من خلاله عن المعتقلين والمغيبين قسرًا”.
ما علاقة الحملة بساعة “بيغ بن”؟
تحت برج الملكة اليزابيث، الذي يضم ساعة “بيغ بن” الشهيرة، وقف باص “الحرية”، ونزلت منه النساء يحملن صور أقربائهن المعتقلين في السجون، ويغنين أغاني تراثية سورية، وسط تجمهر المواطنين حولهن.
وركزت الحملة على الوقوف تحت المَعلم الشهير “بيغ بن” لتذكر البريطانيين بأن ساعتهم التي ستتوقف عن العمل لأربع سنوات بسبب أعمال الصيانة، والتي أثارت الرأي العام لفقدان 200 ألف دقة في لندن خلال تلك السنوات، لا تعادل 200 ألف معتقل لا يعرف عنهم ذووهم أي شيء، ومع ذلك لم يثر المجتمع الدولي لأجلهم، وفق ما قالت بيان شربجي.
وأضافت “انطلقنا من هذه الفكرة لأن الساعة بالنسبة للبريطانيين أمر بغاية الأهمية”.
بانتظار وعود دي ميستورا
في شباط 2017 تلقت سيدات، ذوات معتقلين ومفقودين قسرًا، وعودًا من المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، بتسليط الضوء على “الملف المنسي” والضغط على النظام وكافة أطراف النزاع، للكشف عن جميع الأسماء المحتجزة لديهم، وعن أماكن وجودهم ومصائرهم، ووقف التعذيب وسوء المعاملة.
عنب بلدي تحدثت حينها إلى آمنة خولاني، المشاركة في حملة “باص المعتقلين” وهي أخت لمعتقلين اثنين، وأكدت على ضرورة رفع ملف المعتقلين “فوق التفاوض”، فهو “ملف إنساني، يجب العمل عليه بمعزل عن التقدم أو تجميد المفاوضات”.
إلا أن لقاء السيدات بدي ميستورا في جنيف، حينها، لم يؤتِ ثماره حتى الآن، رغم تأكيدهن أن الموقف هو “ضد الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي الذي يرتكب من النظام السوري بشكل رئيسي، وكل أطراف الصراع”، مع استمرار مسلسل الاعتقالات في سوريا.