داعش.. بين العراق «البلد الأم» وجحيم الحرب في سوريا

  • 2014/06/23
  • 11:01 ص

عنب بلدي ــ العدد 122 ـ الأحد 22/6/2014

حسن مطلق

تستمر داعش بحملتها في ريف محافظة دير الزور تزامنًا مع التصعيد التي تقوم به في العراق بعد أن سيطرت على عدد من المناطق هناك، وكما تشير التوقعات فإنها تضع هذه الحملة كأولوية لها، لا بل تحاول أيضًا زيادة جهدها العسكري داخل الأراضي السورية، وذلك لترسيخ وتدعيم سيطرتها واستيعاب مكاسبها في العراق. ومن المرجح أن تجدد هجومها بحزم أكبر ضد الفصائل المتواجدة هناك وذلك ابتداءً من الرقعة الممتدة من ريف دير الزور للسيطرة على حقول النفط في تلك المنطقة بشكل كامل.

بعد سقوط الموصل، عُقدت الاحتفالات على نطاق واسع في جميع أنحاء الأراضي التي تسيطر عليها قوات داعش داخل سوريا، وذلك في كل من معبر جرابلس في حلب، الباب، منبج، دير حافر، ومسكنة، وكامل قواتها في مدينة الرقة، كما أصدر قائدها في شمال سوريا «عمر الشيشاني» بيانًا أشار فيه إلى دعم «الإخوة في الموصل» على حد قوله، وقد أخذت هذه الاحتفالات صدى إيجابيًا واسعًا على الحدود لعمليات داعش في العراق وسوريا.

  • الرقة وحلب

عززت داعش بقوة سيطرتها على رأس المال الفعلي لإمارتها المزعومة في مدينة الرقة على أرض الواقع في أوائل عام 2014، في حين تستمر المقاومة المحلية لها بشكل متواصل، ولكنها تقتصر على الاشتباكات الخفيفة والاحتجاجات المدنية التي لم ترقَ إلى مستوى طرح تهديدها للسيطرة على المنطقة ككل. وتستهدف قواتYPG  الكردية بانتظام مواقع داعش في المناطق الريفية المحيطة بمعبر تل أبيض مع تركيا، وذلك في الجهة الشمالية من محافظة الرقة، بينما لاتزال محافظةً على السيطرة على المعبر، كما تقوم بشكل دوري بعدد من الهجمات الانتقامية بما فيها عمليات الإعدام والخطف للمدنيين الأكراد في محاولة لردع الغارات الهجومية عليها في المستقبل، ويعتبر تل أبيض موقعًا استراتيجيًا رئيسيًا لها، إذ إنه نقطة عبور للمقاتلين الأجانب والإمدادات إلى الرقة معقل داعش.

كما تقوم بعض الفصائل في حلب بزيادة الضغط عليها، حيث شنت مؤخرًا هجومًا لاستعادة الأراضي في شمال شرق المحافظة، وقد بدأت الجبهة الإسلامية، جبهة النصرة، وألوية إسلامية أخرى دفعة جديدة من الهجمات ضد مواقع داعش في الريف في محاولة للاستيلاء على سلسلة من القرى الواقعة شمال معاقل داعش في مدينة الباب، وذلك بهدف السيطرة على قرية الراعي الحدودية في الشمال والتي من المحتمل استخدامها من قبل داعش كطريق ثان لدخول المقاتلين والإمدادات الخارجية.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أن فقدان بلدة الراعي من شأنه أن يؤثر سلبًا على طرق الإمداد لمعاقلها في حلب، إلا أنه لم تكن هناك أي مؤشرات على أن الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة تنويان تصعيد هذا الهجوم ليتجاوز قرى الريف البسيطة ومهاجمتها مباشرة في مدينة الباب ومنبج أو دير حافر، ومن المرجح أن تظل معاقلها آمنة في حلب إذ تعتبر ممرًا لنقل الأسلحة والأموال، وربما المجندين الجدد بشكل مستمر في المسرح السوري.

  • دير الزور

تمكن تنظيم داعش من السيطرة على أجزاء من ريف دير الزور وتأمين طرق إمداد حيوية بين العراق والرقة منذ أن بدأت في مارس/آذار الماضي، وعلى الرغم من المقاومة التي أبدتها الفصائل المتواجدة ضده إلا أنه استولى على عدد من القرى إلى الغرب من مدينة دير الزور في توطيد لمسار إمداداته من محافظة حلب، وسيطر على الجسر الذي يربط المدينة مع الضواحي، بينما لايزال النظام مسيطرًا على طرق الإمداد المتبقية في المدينة، فضلًا عن وجود العديد من الأحياء الصغيرة في الشمال، ما دفع عددًا من النشطاء على الإنترنت لإطلاق حملة تحت الهاشتاغ DeirEzzorNeedYourHelp# للفت الانتباه إلى ما يجري هناك، وقد عرضت وسائل الإعلام تقارير عن مدينة دير الزور في 12 حزيران 2014 توضح حصار المدينة واحتمال وقوع هجوم وشيك من تنظيم داعش لتأمين كامل المدينة، بعد سيطرته منذ عدة أيام على مدينة موحسن وبلدة البوعمرو في الريف الشرقي في محاولة لبسط نفوذه عليهما، ومع ذلك يعتقد كثيرون بأنه لايزال غير قادرٍ على تحقيق نصرٍ حاسمٍ في المدينة نظرًا لحشد جميع الفصائل المتواجدة معًا في الدفاع عن المحافظة.

في وقت سابق، وتحديدًا في 25 أيار، كان مجلس شورى المجاهدين الذي يضم كلًا من الجبهة الإسلامية جبهة النصرة وبعض ميليشيات القبائل المحلية، قد أعلن استمراره في مواجهة وتحدي تنظيم داعش في المحافظة في استراتيجية من شأنها عرقلة محاولاته لتدعيم خطوط إمداداته في مثلث «الصور- دير الزور-البصيرة» حيث أدى هذا القتال إلى تشريد أعداد كبيرة من المدنيين في المنطقة، ما دفع القيادة العسكرية العليا لإعلان المنطقة منطقة كوارث وطلب المساعدة الإنسانية.

عقب حملة العراق قامت الطائرات الحربية بالعديد من الضربات الجوية ضد التنظيم استهدفت فيها عددًا من مقراته على طول الحدود العراقية-السورية حيث قصفت سد الطبقة ومدينة الرقة وتل حميس ومعقل الرماد-الشدادي.

ويعتبر محللون أن هذه الضربات الجوية تعد تصعيدًا ملحوظًا تجاه التنظيم، فهل ستكون مدمرة لقدرته على تدعيم وتعزيز جهوده في محافظة دير الزور، في الوقت الذي لا يوجد فيه أي مؤشر على أنها ستكون ناجحة في هزيمته في سوريا ككل.

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي