رحلة طويلة لنازحي عقيربات.. من يلم شملهم؟

  • 2017/10/08
  • 2:40 ص

نازحون من عقيربات يصلون المناطق "المحررة" شمال سوريا - 20 أيلول 2017 (فيس بوك)

رؤى الزين – إدلب

“ضاع حفيدي من بين يدي فجأة” يقول “أبو محمد”، النازح من ناحية عقيربات شرقي حماة، واصفًا حادثة انتقال عائلته إلى إدلب في رحلة طويلة، عاشتها كثيرٌ من عائلات المنطقة بعد خضوعها لسيطرة النظام.

وقع حفيد “أبو محمد” على الأرض خلال الهرب، ويقول “صار يناديني: (جدو)، لكن لم أتمكن من العودة إليه فقد كنت خائفًا من قذيفة تقتلني ويتشرد هو وإخوته”، إلى أن اختفى صوته بين الجموع.

وصل أبو محمد من وادي العذيب في منطقة عقيربات، إلى مخيمات أنشأتها جمعية “ساعد”، شمالي إدلب، وعلامات التعب والحزن مرسومة على وجهه، ويقول إن قوات الأسد استهدفتهم بشكل مباشر، خاتمًا قصته “بعد حوالي شهرين ولدى جلوسي في ظل شجرة، سمعت صوت حفيدي يناديني إلى أن احتضنته وكان شعورًا لا يوصف”.

“أبو محمد” واحد من بين 2463 شخصًا (قرابة 555 عائلة) نزحوا خلال الفترة الماضية، وفق إحصاء إدارة المخيم، التي تحدثت عن استمرار وصول النازحين من عقيربات.

سعت إدارة “ساعد” إلى تأمين أماكن سكن مؤقتة للنازحين، وعن الخدمات المتوفرة وأوضاع النازحين، قالت الإدارة لعنب بلدي إن المئات منهم منتشرون من منطقة الرهجان في حماة حتى ريف معرة النعمان.

تشهد قرى وبلدات ريف حماة الشرقي مواجهات عسكرية بين قوات الأسد والميليشيات المساندة وتنظيم “الدولة الإسلامية”.

وينتشر التنظيم في دائرة مغلقة في المنطقة، تقدر مساحتها بحوالي 55 كيلومترًا مربعًا.

يعيش النازحون داخل قسمين منفصلين للنساء والرجال، تحتضنهم المخيمات بين 15 يومًا وحتى الشهر، كفترة مؤفتة للبحث عن مأوى قبل الخروج منها.

أم أحمد (29 عامًا) نازحة من عقيربات، تروي رحلة نزوحها باكيةً، “صرلنا 15 يوم ما بدلنا ثيابنا وابني مريض بالربو”، وتقول إنها تضطر لوضع الأوكسجين لطفلها مرتين يوميًا لمدة ساعتين حتى يعود لتنفسه الطبيعي.

لا تملك النازحة مأوى، ما أجبرها على البقاء في المخيم، متخوفةً من مصيرها خلال الأيام المقبلة، وتقول “مجبورة شوف ابني عم يدوب متل الشمعة وأنا عم اتفرج عليه”.

جهّزت بعض المنظمات الإنسانية عيادات متنقلة في المنطقة، لاستيعاب حالات المرضى، وتقول طبيبة العينية فداء الحامض، التي تنحدر من مدينة سرمدا وتعمل مع منظمة “عطاء”، إنها تعالج مع الأطباء قرابة 50 حالة مرضية يوميًا.

وتتحدث الطبيبة عن أكثر الأمراض المنتشرة، حيث يغزو الجرب والقمل المكان لقلة النظافة، كما تنتشر الأمراض المعوية التي سببها سوء التغذية، إلى جانب نزلات البرد وأمراض الحوامل والمرضعات، مشيرةً إلى أن الحالات “الخطيرة” تستوجب النقل إلى المستشفيات عبر سيارات إسعاف.

ووفق إحصائيات المجلس المحلي لبلدة عقيربات، في 27 أيلول الماضي، فقد قتل أكثر من 100 مدني في المنطقة، جميعهم حاولوا النزوح من منطقة وادي العذيب المحاصرة، إلا أن قوات الأسد استهدفتهم خلال مرورهم على طريق أثريا.

يجلس “أبو محمد” على باب خيمته وبينما تتساقط دموعه على لحيته المغبرة، يرفع يديه إلى السماء داعيًا الله أن يجمعه بابنه المحاصر، الذي لم يستطع النزوح معه، بينما يجلس آخرون منتظرين تبدل حالهم، أو العودة إلى منازلهم التي كانت تؤويهم يومًا ما.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع