بصمات “الرجل البخاخ” تعود إلى إدلب

camera iconعبارات على جدران بنش في ريف إدلب - أيلول 2017 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

إدلب – طارق أبو زياد

في مشهد عاشه السوريون منذ اللحظات الأولى للثورة السورية، عادت بصمات “الرجل البخاخ” إلى إدلب بالطريقة ذاتها، رغم تغير الظروف والسلطة المسيطرة على الأرض. عباراتٌ كتبت بعجالة على جدران المحافظة في وضح النهار وتحت جنح الليل، ولاقت تفاعلًا واسعًا خلال الأيام الماضية.

وبرزت الظاهرة إلى العلن مع صور نشرها ناشطون من إدلب، رحّب معظمها بالتدخل التركي في المحافظة، وقابلتها أخرى لمناصري “هيئة تحرير الشام” المسيطرة على إدلب، رافضة لعملية أنقرة وموسكو في المنطقة.

فعليًا لم تخل جدران إدلب من العبارات الدلالية، التي خطّها ناشطون للفت النظر إلى أمور معيشية وعسكرية وحتى دينية، وتنوعت بين انتقاد الفصائل والتحيز لأخرى والدعوات إلى الإصلاح، إلا أنها كانت دائمًا تختفي تحت الطلاء الأبيض دون أي اهتمام.

الرجل البخاخ” بين الأمس واليوم

منذ مطلع الثورة حمل “الرجل البخاخ” مطالب الأهالي في عقله، لينشرها عبارات ملونة بألوان الطلاء على الجدران، ويقول الناشط أيمن عاشور من إدلب، الذي رافقته عبوة الطلاء منذ عام 2011، “كنا ننتظر لساعات متأخرة من الليل حتى تنام الناس وتخلو الشوارع، لننطلق حاملين رسائل بعد دراسة تحركاتنا وتوزيع الأدوار”.

ربما يختلف التجهيز لعملية البخ بين الأمس واليوم، إلا أن عاقبتها لم تكن مختلفة، ويردف أيمن لعنب بلدي “تغيرت الأحوال ولا أظن أن الصعوبات نفسها، إلا أنه رغم سهولة الحركة يبقى الخوف من الاعتقال حاكمًا لعمل البخاخين”.

ابن مدينة كفرنبل والناشط محمد السلوم، يرى أن كتابة العبارات على الجدران، هي الطريقة المتبعة وتكاد تكون الوحيدة، إضافة إلى المنشورات عندما تكون في مواجهة الخصم الأقوى”.

وعن حال إدلب يعتبر محمد في حديثه لعنب بلدي أن “تحرير الشام تسيطر على إدلب، كما كان النظام مسيطرًا عليها في بداية الثورة”، مشيرًا إلى أن “طريقة الاعتراض الوحيدة تكمن في العمل سرًا لتجنب الاعتقال”.
تلاقي العبارات صدىً كبيرًا بين الأهالي “لأنها تعبر عن الهم الحقيقي الذين يعيشونه، ولا يملكون الجرأة للتصريح به للعلن”، وفق الناشط، الذي يضيف “طالما أن الرجل البخاخ متخف ولا يظهر فهو ليس ممن يسعون للحصول على مناصب”.

ومن وجهة نظر محمد فإن الأهالي لا يهتمون لمن يخط العبارات، “فهمهم الوحيد من يتكلم لمصلحتهم”.
عودة نشاط “الرجل البخاخ” لها دلائل ورسائل، وفق البعض، كما أن أغلب العبارات التي انتشرت في إدلب مؤخرًا تحدثت عن التدخل التركي، بينما انتقدت أخرى “تحرير الشام”، وتساءلت أخرى عن سبب تجنب قصف كفريا والفوعة، مع تكثيف القصف على إدلب خلال الأيام الماضية.

يعيش الناشط من مدينة حماة كمال أبو المجد في إدلب، ويرى في حديثه لعنب بلدي أن العبارات التي تملأ جدرانها “تنبع من الشعور بالحرية التي ضحى الشعب لنيلها، ورفضًا لبعض ما يجري في المناطق المحررة من استبداد الفصائل بحق المدنيين أو قرارات سياسية لا تمثل وجهة نظرهم”.

هذه الطريقة “أعادت روح الثورة من جديد في قلوب الناس”، وفق أبو المجد، ويعتبرها “رسالة لمن يحكم أي منطقة بالحديد والنار، مفادها أن الشعب لن يرضخ لفصيل مهما حقق انتصارات طالما أنه يظلم الناس”، مردفًا “من خرج ضد الأسد فلن يعجز عن غيره”.

حرب بين “البخاخ” وجلاده

ينظر إبراهيم حلاق، أحد أهالي مدينة إدلب، إلى الأمر من زاوية أخرى، فيرى العبارات على الجدران “حربًا بين البخاخ وجلاده”.

ويقول إبراهيم لعنب بلدي إن كتابة العبارة على الجدار ومسحها بعد ساعات أو في اليوم التالي، تصرف يحمل طابعًا من التحدي بين طرفين، مردفًا “في زمن الأسد واليوم تخصص دوريات لتفقد الجدران ومسح العبارات المناهضة لطرف، ما يؤكد الأثر الكبير الذي تتركه”.
ويجمع الناشطون على أن التفاعل الأكبر منذ سنوات، كان حول عبارات التدخل التركي، صباح 21 أيلول الماضي، التي رحبت بمشاركة تركيا بعملية عسكرية ضد “تحرير الشام”، والتي استبدلت جميعها بعبارة “تركيا.. الدم والهدم”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة