بين الإغاثة والتنمية
عنب بلدي ــ العدد 121 ـ الأحد 15/6/2014
ثلاث سنوات ونيف مضت على انطلاق الثورة السورية، تهجّر خلالها الآلاف من السوريين، وفقدوا مصادر دخلهم، لتصبح المساعدات الإنسانية المصدر الرئيسي الذي يعتاشون عليه في أماكن نزوحهم، الداخلية والخارجية، وتكاد تكون المشاريع الإغاثية ذات الطابع الإنتاجي والتنموي للاجئين شبه معدومة.
فمع حصار المدن وتهجير أهلها بدأت الجالية السورية المتواجدة في الدول الغربية وفي دول الخليج العربي بتنظيم عدة أنشطة وحملات لجمع التبرعات الإنسانية بهدف مساعدة المنكوبين والمهجرين، وتأسست العديد من المنظمات والجمعيات الخيرية السورية في الخارج، ولم تقتصر المساعدات على الجمعيات السورية فقط بل ساهمت المنظمات الدولية والجمعيات الأهلية بتقديم المساعدات للشعب السوري المتضرر من الأزمة.
وتركزت معظم هذه المساعدات على السلل الغذائية وبعض المساعدات الطبية، وربما يكون ذلك مبررًا مع فقدان الناس لمصادر الدخل وضياع مدخراتهم وعدم توفر مقومات الحياة الأساسية لدى معظمهم، والحجم الكبير للكارثة الإنسانية، إذ تقدر أعداد النازحين في دول الجوار بـ 2.5 مليون لاجئ حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بالإضافة إلى 6.5 مليون شخص نازح داخليًا.
ولكن مع طول الأزمة تحولت المساعدات الإغاثية بشكلها الحالي من نعمة إلى نقمة، وتشكلت حالة من الإتكالية والكسل عند الكثير من اللاجئين، وبشكل خاص ممن يعيش داخل المخيمات، الذين لم يكن لديهم سعي جاد للحصول على أي فرصة عمل. ومن الآثار السلبية الناتجة عن الفراغ والبطالة نشوء المشاكل الاجتماعية داخل الأسرة الواحدة وازدياد العنف المنزلي.
لكن الناشطين العاملين في الحقل الإغاثي أدركوا مؤخرًا ضرورة توجيه وتطوير المساعدات الإغاثية وتخصيص قسم منها للقيام بمشاريع تنموية تساهم في تأهيل وتدريب الناس على إيجاد مصادر دائمة للدخل، لتحقيق الاكتفاء الذاتي بدل إبقاء الناس عالة على الجمعيات والمؤسسات الإغاثية والإنسانية. إذ نشأت العديد من المبادرات والمشاريع ذات الطابع التنموي داخل وخارج سوريا، كمنظمة «سوريات من أجل التنمية الإنسانية» التي تهدف إلى تمكين المرأة وتفعيل دورها من خلال دعم المشاريع الاقتصادية الصغيرة، ومراكز «نساء الآن» في كل من سوريا ولبنان، والتي تقدم دورات تأهيل وتطوير في عدة مجالات كالخياطة والحلاقة والتجميل، بالإضافة إلى الطبخ وصنع الحلويات. كما قام في الداخل السوري المجلس المحلي لمدينة داريا بالتوجه مؤخرًا نحو المشاريع الإنتاجية لكسر الحصار، ومنها المشروع الزراعي.
ولكن هذه المشاريع التنموية تحتاج إلى دعم مادي كبير يتناسب مع طبيعة عملها، وتأهيل القائمين عليها لامتلاك مهارات التخطيط والإدارة وإيجاد طرق لتمويل المشاريع الصغيرة، ولإيجاد أسواق لتصريف منتجاتها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :