أغرّهم طول الأمد.. أم هو خوفٌ من الأسد؟
عنب بلدي ــ العدد 121 ـ الأحد 15/6/2014
ثلاث سنوات على بداية الثورة السورية ضد الأسد ونظامه، تدرجت من بداياتها السلمية إلى الحراك المسلح، وخلال المرحلتين سقط أكثر من 150 ألف شهيد وملايين النازحين اللاجئين، وسط ظروف اقتصادية ومعيشية سيئة تزامنًا مع تضييق وتشديد على المعارضين، ما دفع بعض الأفراد والجماعات إلى مبايعة الأسد وإعلان الولاء له «خوفًا من بطشه، أو أملًا بالاستقرار والأمان».
تُعتبر الظروف المادية التي يواجهها اللاجئون في لبنان، الذي استقبل قرابة 1.5 مليون لاجئٍ سوريٍّ منذ بداية الثورة، الأقسى والأشد تأثيرًا في المواقف والأفكار، حيث لا يستطيع أكثر اللاجئين تأمين متطلبات حياتهم فضلاً عن المسكن.
وجاءت الانتخابات بداية الشهر الجاري فرصةً لمن أراد أن «ينحاز إلى الأسد»، أو أن يعود لـ «حضن الوطن»، وقد احتشد آلاف اللاجئين أمام السفارة السورية في بيروت، ليتحول الجمع إلى مسيرةٍ تهتف بالوفاء للأسد.
«حسام» شاب سوري يعمل في أحد المعامل في البقاع اللبناني، خرج من حلب القديمة لاجئًا إلى لبنان بعدما قصفت طائرات الأسد بيته ونزحت عائلته إلى مدينة بانياس، يتحدث لعنب بلدي “أعود إلى سوريا لزيارة أهلي كل ثلاثة أشهر”، وأضاف «انتخبت الأسد، الذي تظهر كل المؤشرات نجاحه لولاية ثالثة، وذلك خوفًا من إشاعات أُطلقت، بمنع غير المشاركين في الانتخابات من الدخول إلى سوريا».
ومن قلب العاصمة دمشق وفي مسجدها الأموي، اصطف القائمون على المعاهد الشرعية في دمشق ومن بعدهم «القبيسيات» (وهي جماعة نسويّة دعوية أعلنت دعمها لنظام الأسد في أكثر من موقف)، معلنين «المبايعة والولاء للأسد تطبيقًا لوصية الرسول محمد»، ما أثار جدلاً كبيرًا حول هؤلاء المشايخ والجماعات وتبعيتهم.
الشيخ «عبد الناصر العسلي» رئيس رابطة الشباب السوري في لبنان، أفاد لعنب بلدي أن «عمل أولئك الشيوخ في كنف النظام أعمى بصيرتهم، وأنّهم عملوا بما لم يعلموا»، مؤكدًا أن «العالِم الحق لا يخشى من قول كلمة الحق في وجه سلطان جائر».
بينما تقول «راما» وهي طالبة جامعية ما زالت ملتزمةً مع جماعة القبيسيات، أن “كثيرًا منهن يرفضن مبايعة الأسد، ويتعرضن للتضييق الأمني بسبب موقفهن الرافض لإعلان الولاء له، وأن قسمًا منهن يقمن بنشاطاتٍ ثوريةٍ بالخفاء»، بينما «تريد اللواتي بايعن الأسد في الأموي الحفاظ على مصالحهن وأعمالهن مع نظامه في ظلّ هذه الأزمة».
وقد تعرضت فئةٌ كبيرةٌ من المعارضين وأهلهم إلى التنكيل والتعذيب والملاحقة الأمنية منذ انطلاقة الثورة، ما أثار شيئًا من الضغط والتخبط عند عدد منهم، ليتركوا العمل الثوري ويلتحقوا بركب التأييد، لما يلقاه المؤيدون من «كرمٍ وعزٍّ في كنف النظام» بحسب تعبيرهم.
«أسماء» إحدى ناشطات إدلب، خرجت «ثائرةً» ضد نظام الأسد عام 2011، وكتبت تقارير إعلاميةً عن «ممارسات وانتهاكات الشبيحة في الجامعات السورية»، إلا أنّها فجعت باستشهاد والدها بعد «اختطافه من قبل شبيحة الأسد»، كما أنها افترقت عن خطيبها بعد بداية الثورة.
لينعكس ذلك على مبادئها الثورية معتبرةً أنها «لم تأتِ إلا بالخراب»، ثم بدأت أسماء تميل إلى تأييد الأسد مشاركةً بحملته الانتخابية الأخيرة «سوا»، وشرعت بالعمل في إذاعة مؤيدة له، إلا أنها اعتبرت العمل «لكسب الخبرة والمردود الجيد لا على سبيل التأييد».
وكان الأسد قد نجح بانتخابات نظمها مطلع الشهر الجاري بمنافسة مرشحين مغمورين من نظامه، ثم أصدر عفوًا عن قرابة 480 معتقلًا من سجونه كـ ”مكرمةٍ منه لفوزه بالرئاسة”، بينما لا تزال قواته وطائراته الحربية تقصف المدن المحررة وتضيق على أهاليها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :