عنب بلدي ــ العدد 121 ـ الأحد 15/6/2014
العناد ظاهرة شائعة لدى الأطفال، وهي تعبير عن الرفض للقيام بأوامر الوالدين وإطاعتهم، وإصرار الطفل على رأيه مهما حاول الوالدان إثناءه بالإقناع أو بالإكراه.
تختلف أسباب هذه الظاهرة من طفل لآخر، وقد تكون بسبب الحالة النفسية التي يعيشها الطفل، فالطفل الغير مستقر نفسيًا، بسبب عدم اهتمام والديه به على سبيل المثال، يقوم بتفريغ هذه الشحنات على شكل عناد. أو بسبب إفراط الوالدين في الدلال الزائد والذي يعيه الطفل جيدًا فيستغل الوالدين لتلبية رغباته والخضوع له، لأنه يعرف تمامًا أنهما لن يتمكنا من مقاومته. أو قد يكون من أسبابها إثبات الذات لدى الطفل ومحاولة لفت الانتباه نحوه لانشغال الوالدين عنه، أو بسبب الغيرة الشديدة والمنافسة، خصوصًا إذا كان هنالك مولود جديد استحوذ على انتباه الأهل. أو ربما بسبب التهديد المستمر بمعاقبته وحتى ضربه، فيحاول مقاومة السيطرة عليه. ويمكن أن يكون سبب العناد هو تحد ومقاومة ووسيلة تعبير عن الضجر من أسلوب تعامل الوالدين معه.
كما أن هناك حالة من العناد الطبيعي تسمى «عنادًا مؤقتًا» ويظهر في السنة الثانية من عمر الطفل، وهو سلوك مقبول لأنه يبدأ بالشعور بأنه كائن مستقل عن أمه، ويمارس استقلاليته بالرفض والاحتجاج ومخالفة الأوامر.
فيما يلي بعض الممارسات للتعامل مع الطفل العنيد:
• يجب على الأهل تقصي سبب عناد الطفل خاصة إذا ظهر بشكل مفاجئ، من خلال تفهم مشاعره وحثه على الكلام، فالأطفال عادةً ما يتحدثون عما يزعجهم إذا استطاع الأهل إقامة علاقة جيدة معهم؛ وبناءً على معرفة سبب هذا السلوك يمكنك أن تختار الطريقة المناسبة للتعامل معه.
• تجنب الاستجابة لسلوكيات الطفل عند إصراره على طلبه، لأنك بذلك سوف تعزز هذا السلوك لديه وسوف يستخدمه بشكل دائم للحصول على ما يريد.
• لا ترغمه على شيء ليس له أهمية كبرى، فبإمكانك أن تغض الطرف عن الأمور البسيطة وتبدي التسامح أحيانًا، مثلاً عند رغبته ارتداء لون معين أعطه الحرية لذلك؛ بمعنى أجّل إصرارك لما يستحق وكن مرنًا في الأشياء البسيطة.
• ابتعد عن المقارنة بينه وبين إخوته أو زملائه، ولا تذكر عناده وتشكوه أمام الآخرين في حضوره.
• تجنب اللجوء إلى العقاب البدني أو اللفظي كوسيلة لتعديل هذا السلوك، مثلًا لا تقل له «أنت طفل عنيد» لأنك بذلك سوف تلصق هذه الصفة به وربما تصبح قناعة لديه بأنه طفل عنيد ويستمر على هذا الأساس.
• ابتعد عن إعطاء أوامر كثيرة في نفس الوقت، واحرص أن تكون طلباتك مفهومة وواضحة ومبسطة، واطلب ما تريد بهدوء ولطف؛ بإمكانك مثلًا أن تربت على كتفه أو أن تقوم باحتضانه.
• ابتعد عن النظرة السطحية للطفل والاعتقاد بأنه مجرد طفل ليس لديه عقل أو تفكير أو رغبات، وإنما هو إنسان وجب احترامه ومناقشته واعتباره كائنًا مثلنا.
• يمكن استخدام سرد القصص والحكايات كنموذج يعرض للطفل مساوئ العناد ومشاكله وكيف استطاع أبطال هذه القصص التغلب عليه، فالأطفال عادة ما يحاولون التشبه بشخصيات القصص التي تحكى لهم.
ولا بد من التنويه إلى أنه ليس من السهل على الأهل المحافظة على الهدوء والتحلي بالصبر في التعامل مع الطفل العنيد، خاصة عندما لا يريدون أن يتعاملوا بعنف وعصبية؛ لذلك فليحاول أحد الوالدين، الأكثر صبرًا، أن يتعامل معه بدون أن ينسحب الطرف الآخر بشكل نهائي.
يجب عدم الاستسلام لهذا السلوك لأنه سوف يؤثر سلبًا على الأسرة بأكملها وعلى الطفل ومستقبله، ويمكن اللجوء إلى الاستشارة النفسية بحال كان العناد سمة قوية عند الطفل، أو إذا نتج عن هذا السلوك إيذاء لنفسه وللآخرين.