ليان الحلبي – حلب
عاشت مدينة حلب حربًا نفسية وإعلامية كبيرة قبل الانتخابات الرئاسية بأسابيع، ترافق ذلك مع ارتفاعٍ كبيرٍ في وتيرة القذائف العشوائية على أحياء حلب الخاضعة لسيطرة الأسد في اليومين السابقين للانتخابات، تلاها هدوء نسبي أيام الانتخابات والاحتفالات بفوز الأسد، ليعود معدل القذائف مجددًا للارتفاع عقب هذه الأيام.
حرب إعلامية
وتناقلت الصفحات المؤيدة لنظام الأسد عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لصواريخ ادعت أنها لـ «جماعات مسلّحة تتوعد بها المدنيين يوم الانتخابات»، ما حدا بالناشطين إلى إصدار بيانات يطالبون فيها المدنيين بالتزام بيوتهم بشكل تام أيام الانتخابات، ومحذرين مما قد يصدر عن بعض «الفصائل المجرمة التي تتحدث باسم الجيش الحر ولا تمثل إلا نفسها»، أو «من استغلال النظام لهذه التصريحات واستهداف المدنيين بالقذائف العشوائية ونسبها للحر».
- يومان من القذائف
واعتبر الأحد 1 حزيران يومًا داميًا لارتفاع وتيرة القذائف العشوائية وجرات الغاز بشدة على أحياء حلب الخاضعة لسيطرة الأسد، موقعة حوالي 20 قتيلًا وأكثر من 50 جريحًا حسب شبكة «شاهد عيان حلب». ليخرج إثرها بعض قادة الجيش الحر مؤكدين رفضهم للقصف العشوائي على المدنيين، إذ صرّح أبو قتيبة أحد قيادات الجيش المجاهدين لوكالة «آسيا» بأن جيش المجاهدين لن يمنع المدنيين من الانتخاب «مطلقًا، وحول إمكانية لجوء الجيش لاستهداف مراكز الاقتراع قال «لن نستهدف المدنيين أبدًا، وأعتقد أن النظام سيلعب على هذا الوتر ويقوم بقصف عدد من المقرات من أجل إيجاد حاضنة شعبية».
بينما طالب مهنا جفالة قائد كتائب أبو عمارة «بوقف القصف العشوائي على المدنيين في المناطق المحتلة»، وأضاف أنه «من يريد معرفة أماكن تمركز النظام ومراكز ثقله فإننا نستطيع تزويده بها».
واستمرت القذائف في اليوم التالي الاثنين 2 حزيران على نفس المنوال، وسط خلو الشوارع من المارة، إثر يوم الأحد الدموي، وقد تلا ذلك إصدار بيان مشترك من التشكيلات المقاتلة الأبرز في حلب كالجبهة الإسلامية وجيش المجاهدين، أكد على «عدم شرعية الانتخابات وبطلانها»، مضيفًا «أن مراكز الانتخابات لن تكون هدفًا لأي عملية عسكرية بسبب تحييد المدنيين عن دوائر الصراع».
- انتخابات هادئة
أما يوم الانتخابات، فقد شهد تراجعًا كبيرًا في نسبة القذائف مقارنة باليومين السابقين، ولم تستهدف القذائف أيًا من مراكز الاقتراع، وأفاد مراسل عنب بلدي أن الشوارع كانت شبه خالية من المارة والسيارات، بينما أغلقت حوالي 80% من المحلات أبوابها.
وتراوحت نسبة الإقبال من المقبولة في بعض المراكز إلى الضعيفة أو المعدومة في مراكز أخرى كما في مركز نابلس حسب إفادة شهود عيان لعنب بلدي، وأفاد أحد الناشطين في كلية الهندسة (رفض التصريح باسمه) بأن الطلاب لم يُجبروا على الانتخاب، وأن القائمين على مركز الانتخاب «لجؤوا إلى تخجيل لبعض المارين عشوائيًا بسؤاله إن انتخب أم لا»، وأضاف الناشط «كان بإمكان الجميع الإشارة بأنه انتخب حتى ولو لم يحصل، فلا بصمة تؤكد ذلك في الكثير من المراكز الاقتراعية».
بينما أُجبر معظم الموظفين على الانتخاب كلٌ في مركزه، كما سجلت حالات من مشاركات فردية بالانتخاب حجة الخوف بداعي السفر القريب خارج المحافظة أو بداعي الخوف من احتمال وجود أسمائهم عند النظام.
- احتفالات ومسيرات
وبعد إعلان «نتيجة الانتخابات» مساء الأربعاء بفوز الأسد، بدأت الاحتفالات والمسيرات التي تخللها إطلاق رصاص عشوائي أسفر عن مقتل عدة أشخاص في الطرقات، واستمرت هذه المظاهر الاحتفالية يوم الخميس كذلك.
ولم يحدث استهداف بالقذائف العشوائية لهذه المسيرات سوى حالتين فقط، أولهما استهداف حاجز سيف الدولة أثناء الاحتفال بجرتين غاز، والثانية استهداف مسيرة مؤيدة بعبوة ناسفة في «الدوار المايل بالموكامبو» تبنتها كتائب أبو عمارة عبر صفحتها الرسمية.
بعدها عادت وتيرة القذائف العشوائية لترتفع من جديد يومي الخميس والجمعة، وقد طالت لأول مرة مناطق جديدة لم تكن عادة في مرمى القصف كبعض أحياء المحافظة والشهباء القديمة.
سير أحداث الأسبوع أثارت لدى ناشطي المعارضة عددًا من التساؤلات حول الحملة الإعلامية من قبل الصفحات المؤيدة، وتراجع حدة القصف عن أحياء حلب الخاضعة لسيطرة الأسد يومي الانتخابات والاحتفالات بعدها، معتبرين في ذلك «إشارة واضحة إلى الجهة التي تقف وراء هذه القذائف والجرات.