الثورة السورية.. ما المصير؟

  • 2014/06/09
  • 12:43 ص

عنب بلدي ــ العدد 120 ـ الأحد 8/6/2014

عمرو الدمشقي

منذ ثلاث سنوات خرج الشباب السوري بمظاهرات حاشدة طالبت بالحرية والعدالة، مبتغين الوصول إلى دولة مدنية على غرار الدول المتقدمة في العالم. وكانت تجمعاتهم الثورية آنذاك جامعةً لشرائح الشعب السوري المتنوعة، فقد جذبت «ورود الثورة» الأحرار من كل الطوائف والعرقيات، وحازت تلك المظاهرات على احترام العالم والمجتمع الدولي، بسلميتها وحضارة أفكارها المطروحة.

لكن النظام انتقم من الثائرين ضده بأبشع الطرق والأساليب «اللاإنسانية»، إذ بدأ باعتقال النخب الثورية من المثقفين، وكان مصير المئات منهم الموت تحت التعذيب أو التغييب في السجون دون أن يسمح لأحدٍ بمعرفة أخبارهم؛ ما اضطر البقية إلى حمل السلاح دفاعًا عن النفس، بينما ترك قسمٌ آخر البلاد خوفًا من الملاحقة الأمنية.

طالت المعركة وزادت بربريّتها، فبدأت تتحول أهداف الثورة من إسقاط النظام وتحقيق دولة المواطنة، إلى مشاريع دينية أو عرقية مختلفة.

لقد دفع الحصار والجوع والقصف وشبح الموت المنتشر في المناطق المحررة الشباب السوري إلى التمسك بعقيدتهم والتزامهم الديني، بعد أن وجدوا أن الشعارات البراقة السابقة ﻻ تنفعهم في الظروف القاسية. وقد حثهم الالتزام الديني على الصبر وتحمل أعباء القتال رغم قلة السلاح، فعزز صمودهم النفسي والمعنوي، وساندهم ذلك في الاستمرار «دفاعًا عن المظلومين»؛ وهدفهم «النعيم الخالد في الجنان» وما يحضر للشهيد من ملذات ومكرمات «ما لا عين رأت وﻻ أذن سمعت».

بعدها ظهرت جماعات إسلامية وطرحت مشاريع مختلفة، منها واقعيٌ يأخذ بعين الاعتبار تنوع الشعب السوري والتدرج المرحلي سعيًا لتحقيق أهدافها، وبعضها طرح مشاريع تناقض الواقع وتستبدل الاستبداد الأسدي باستبداد آخر تحت شعارات دينية بهدف الوصول إلى دولتهم المنشودة.

بالتزامن مع ذلك لم يعد الجيش الحر، الذي يمثل منشقين عن الأسد وشبابًا متطوعين لقتاله وإسقاطه، لاعبًا أساسيًا على الأرض السورية، حيث تقلص وجوده وتراجعت قدراته العسكرية بالمقارنة مع تلك الجماعات، ما دفع آلاف الشباب إلى تركه والالتحاق بالفصائل الإسلامية، الأقوى من حيث الدعم المادي والعسكري.

بدوره استغل نظام الأسد الذي يدعي «العلمانية وحماية الأقليات»، وجود الجماعات الإسلامية من أجل حشد الدعم الداخلي والدولي، وحرص على تسميتهم بالإرهابيين مدعيًا محاربتهم، نظرًا لما يستدرجه هذا العنوان من اهتمام العالم.

بالنتيجة، فضل الغرب «الشيطان» المتمثل بالنظام والذي يعرفه تمامًا، على الجماعات الإسلامية نتيجة حالة الفوبيا السائدة عنده من «الإرهاب»، ما أدى الى تراجع الدعم لقوى المعارضة وحظر الأسلحة النوعية عنها، وإعادة العلاقات الأمنية والاستخباراتية مع نظام الأسد، أو التغاضي عن تجاوزاته وانتهاكاته في أغلب الحالات.

المطلوب اليوم من كل الفصائل المعارضة على اختلاف انتماءاتها ترتيب الأولويات، وجعل إسقاط النظام وردّ ظلمه الهدف الأول والجامع لهم، وتأجيل مشاريعهم الفكرية لما بعد سقوط الطاغية ورفع الظلم عن الشعب السوري؛ الأمر الذي بدأت بعض الفصائل تتنبه له، حيث وقعت على ميثاق شرف ثوري ينص على أولوية إسقاط النظام ومنع تقسيم البلاد… بانتظار مواقف مماثلة.

مقالات متعلقة

قراء

المزيد من قراء