الـ “DNA” ومحاولات الحفاظ على “العرق السوري”
عنب بلدي – نور عبد النور
من منطلق حماية “العرق الآري” سعت النازية في ألمانيا، بداية القرن الماضي إلى تصنيف المجموعة البشرية وترتيبها وفق تقسيم عرقي، إيمانًا منها بإمكانية تحسين الجنس البشري عبر القضاء على المعوقين وأصحاب التشوهات.
بعد قرن من الزمن، قرر “هتلر آخر” أن يطبق نظرية الحفاظ على العرق، لكن من منطلق “التجانس المجتمعي” هذه المرة، وعبر وسائل أكثر تطورًا، تحليل “DNA” مثلًا.
مع الدعوات لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم والترويج لـ “انتهاء الحرب” في سوريا، وحلول “الأمن والأمان” فيها، بدأ النظام يعد العدة لاستقبالهم، وإن كانت هذه العدة من وجهة نظر الكثيرين هي “الزنازين وأقبية أفرع المخابرات”، إلا أن رئيس قسم الطب الشرعي في جامعة دمشق، حسين نوفل، نفى هذه التخمينات جملة وتفصيلًا، وأكد أن العودة إلى سوريا لا تكلف سوى “وخزة إبرة”.
العينات التي سيتم أخذها من السوريين العائدين إلى بلدهم ستخضع لفحوصات نوعية، يتم من خلالها الكشف عن جينات الفرد، ومطابقة حمضه النووي بحمض أحد أقربائه الذين لم يغادروا البلاد، ولم يكونوا يومًا في معرض التشكيك بالأهلية لـ “التجانس”.
“كيف يمكن التأكد من أن الذين غادروا البلاد ولم يحصلوا على وثائق مدنية هم سوريون، أو كيف يعرف نسبهم؟” يتساءل نوفل. وبناء على أهمية عدم تسرب الأجانب إلى سوريا ومزاحمة المواطنين السوريين على حقوقهم، ومقاسمتهم لقمة العيش وثروات البلاد، يرى نوفل أن الاحتياط يستوجب تأسيس عشرة مراكز لتحليل الحمض النووي، يمكنها أن تستوعب أعداد السوريين المتدفقين إلى بلادهم.
ويمكن أن يكون الرقم عشرة هو الحد الأدنى المتوقع لعدد هذه المراكز، بالنظر إلى وجود نحو خمسة ملايين سوري في بلدان اللجوء، بحسب أرقام مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، أما الذين نزحوا داخليًا فقد لا يكونون مضطرين للمرور بهذه المراكز.
قد لا يبدو الأمر غريبًا إذا ما تم فهمه في سياق “نظرية التجانس” التي تحدث عنها الأسد مؤخرًا، فهو حين ضحّى بـ “خيرة شباب سوريا والبنية التحتية للوصول إلى مجتمع أكثر تجانسًا”، لا يمكن أن يقبل بحمض نووي دخيل يكدر صفو “العرق السوري”.
لكن التساؤل الذي طرحه المتلقون للخبر جاء على الشكل التالي: “من هو الأجنبي الذي سيحاول العبور إلى سوريا بانتحال شخصية مواطن فقد أوراقه الثبوتية في البحر أو تحت ركام منزله؟”، مع العلم أن نسبة كبيرة من السوريين يرفضون العودة إلى سوريا في حال بقاء نظام الأسد في الحكم، خوفًا من الملاحقة والاعتقال، وربما تكون الإجابة “ألماني سئم التعصب للعرق الآري وآثر الاندماج في العرق السوري”.
قد لا يحتاج السوري تهديدات كالتي وردت على لسان القيادي في قوات الأسد، عصام زهر الدين، حين حذر اللاجئين من العودة إلى البلد وهددهم بالتصفية، يمكن أن تكفي “التطمينات المبطنة” التي قدمها نوفل لجعل فكرة العودة إلى سوريا مشروطة برحيل نظام الأسد ودولته التي لا “يحن فيها دم على دم”، ولا “DNA” على “DNA”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :