على خطى الأسد في استقطاب الشركات الروسية

الحريري يحاول إعادة بناء لبنان من البوابة السورية

camera iconالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري- 10أيلول 2017 (سبوتنيك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مراد عبد الجليل

دخل مسؤولون لبنانيون على خط التصريحات التي تحاول الانخراط في ملف إعادة إعمار سوريا، وكان آخرها محاولات رئيس الوزراء، سعد الحريري، تثبيت الدور اللبناني بعملية إعادة الإعمار من بوابة موسكو، ولقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

ويمكن أن يكون للبنان دور كبير في إعادة الإعمار بسبب “القدرات الجغرافية والمالية والبشرية التي يتمع بها، إضافة إلى القوانين المرنة باحتضان الشركات الأجنبية”، بحسب ما صرح به وزير الاقتصاد اللبناني، رائد خوري.

كيف تستفيد لبنان؟

التصريحات اللبنانية قسمت آراء محللين اقتصاديين إلى فريقين، الأول اعتبر أن إعادة الإعمار قد تكون بداية للتطبيع بين لبنان والنظام السوري، وهو ما نفاه رائد خوري عندما أكد أن “ما طرح في روسيا حول إعادة إعمار سوريا من لبنان لا يتطلب تنسيقًا مع النظام السوري، بل عبر الشراكة بين القطاع الخاص الروسي ولبنان”.

في حين رأى آخرون أن الحريري يريد إعادة إعمار لبنان قبل إعمار سوريا، مستدلين بقوله إن “لبنان يمكن أن يشكل محطة لإعمار سوريا لأن هناك مرفأ طرابلس وخطة للسكك الحديدية ومطارات يمكن إنشاؤها”، بحسب مؤتمر صحفي نقلته وكالة “سبوتنيك” الروسية.

كما يحاول الحريري استقطاب الشركات الروسية إلى لبنان وتوقيع اتفاقيات معها، وخاصة في مجال النفط والغاز، وهو ما أكده بقوله “للشركات الروسية حظ عظيم للفوز بعقود النفط، ونبذل كل الجهود اللازمة لتوفير الظروف المطلوبة لذلك“، منتهجًا بذلك طريقة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الذي وقع مع روسيا عقد عمريت البحري للتنقيب عن النفط وتنميته وإنتاجه في المياه الإقليمية السورية، إضافة إلى وعوده المتكررة للشركات الروسية بالحصة الكبرى في إعادة الإعمار.

كما أكد وزير الاقتصاد اللبناني، رائد خوري، أن الجانب الروسي يمكن أن يستفيد بنوع من الشراكة بين اللبنانيين والروس لإنشاء مؤسسات ومصانع لإعادة إعمار سوريا عبر لبنان، وبالتالي إعمار البنى التحتية في لبنان.

انطلاق فعلي أم ترويج سابق لأوانه

محلل اقتصادي، طلب عدم ذكر اسمه، أكد لعنب بلدي أن بدء عملية الإعمار في سوريا ستؤدي إلى انتعاش في الاقتصاد اللبناني كونها خاصرة سوريا ويوجد معبر وممر تجاري بينهما، لكنها لن تكون مرتكزًا أساسيًا وقاعدة انطلاق لإعمار سوريا بقدر ما هي دولة مستفيدة من هذه العملية، كجميع دول الجوار (تركيا والعراق والأردن)، لأن عملية الإعمار ستكون ضخمة وستحرك ما كان واقفًا خلال السنوات السبع السابقة في المنطقة، من استيراد وتصدير وتحريك المعابر التجارية وحركة الطيران والإنتاج والصناعة وعودة التبادل التجاري بين سوريا وهذه الدول، إلى ما كان عليه.

لكن المحلل طلب عدم التسليم بما يصرح به المسؤولون، فروسيا تحاول أن تروج لهذه العملية لدى اللبنانيين، من خلال الحديث عن حجم الفائدة وانتعاش السياحة وعودتها وفتح المعابر وتخليص لبنان من الأزمات التي تعترض اقتصاد البلد.

ومن جهة أخرى، تحاول روسيا أيضًا أن تعلي من ملف إعادة الإعمار في المرحلة الحالية وطرحه في المحافل الدولية، لكي تقول للعالم إن سوريا تنحو إلى الاستقرار وإن الأزمة أوشكت على الانتهاء وعجلة الاقتصاد ستتحرك.

سجال حول إعادة الإعمار

الحريري أطلق تصريحاته بالرغم من أن ملف إعادة الإعمار يشوبه نوعٌ من الغموض في ظل المواقف والتصريحات السياسية الأخيرة، وخاصة ما صرح به وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، على هامش اجتماعات الدورة السنوية للأمم المتحدة، عندما قال “يجب أن نوضح للإيرانيين والروس ولنظام الأسد أن بريطانيا والولايات المتحدة والدول الأخرى لن تدعم عملية إعادة إعمار سوريا إلا بعد حدوث انتقال سياسي بعيدًا عن الأسد”، ليتهم عقبها نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، الاتحاد الأوروبي بـ ”تسييس” مسألة إعادة إعمار سوريا، واعتبار أن رفض الأوروبيين إبداء أي التزام دون إنجاز الانتقال السياسي أمر “غير مقبول”.

لكن إعادة الإعمار عملية معقدة، لا تقوم فقط على بناء جسر أو إصلاح مدرسة، بحسب المحلل، الذي أكد أن “لها مرتكزاتها من العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي يجب أن تسير بجانب بعضها البعض، دون إغفال أي جانب من تلك الجوانب”، مؤكدًا أنه “دون استقرار سياسي في سوريا لا يمكن أن يكون هناك إعادة إعمار، وكل ما يمكن أن يقال حول هذا أقرب للوهم منه إلى الحقيقة”.

واجهة رجالات الأسد

شركات “أوف شور”

هي نوع من الشركات التي عرفتها الأنظمة الدولية التجارية الحديثة، والتي تؤسس في دولة ما، ويكون نشاطها محصورًا خارج حدود الدولة التي تأسست فيها.

ويتم تأسيس مثل هذا النوع من الشركات عبر الإنترنت أو من خلال بنوك “الأوف شور”، ولا يحتاج تأسيسها سوى عقد تأسيس ونظام داخلي، ولا تحتاج إلى مقر، إنما يشترط فقط وجود عنوان بريدي للمراسلات.

وتكون للشركة عناوين أخرى، وهو ما يزيد من قدرتها على التخفي وعدم تتبع الآخرين لنشاطاتها، كما أن مؤسس الشركة يحظى بنوع كبير من السرية ويصعب الكشف عنه.

وتعتبر هذه الأماكن ملاذات آمنة لإيداع أموال الكبار وأموال الجريمة والأموال المنهوبة، إذ تضمن سرية المودعين ولا تخضع أموالهم لضرائب تذكر.

وفي حال اتخاذ لبنان محطة لبدء الإعمار في سوريا، سيعود ذلك بالنفع على الشركات اللبنانية، التي ستكون في منافسة مع شركات دول أخرى كبيرة، وهو ما طرح تساؤلات حول استفادة رجال الاقتصاد وأصحاب الشركات المقربين من النظام والمحسوبين عليه، في حال بقائه وإشرافه على العملية، وهل يمكن أن تكون الشركات اللبنانية واجهة لهم.

فائدة النظام متوقفة على شكل عملية إعادة الإعمار وماهيتها، بحسب المحلل، الذي اعتبر أنه في حال بدئها بالشكل الذي يريده النظام “فلا داعي لاختباء رجالاته وراء رجال آخرين أو شركات أخرى لأن السلطة معهم وهم أصحاب الملف كاملًا”، أما في حال تمت العملية في ظروف أخرى تتدخل فيها المعارضة ودول أصدقاء سوريا التي صرحت بعضها بعدم تمويل إعادة الإعمار مع وجود الأسد، فمن الممكن لجوء رجالات الأسد، الذين فرضت عليهم عقوبات مالية، إلى حيل مختلفة من خلال تأسيس شركات وهمية في جزر “الأوف شور”، والدخول إلى السوق السورية بأسماء أخرى.

أو ربما يلجؤون إلى التحالف مع  كيانات أو شركات أو رجال أعمال لبنانيين مثل شركة “فتوش للاستيراد والتصدير” التي أسست في سوريا، في حزيران الماضي، وتعود ملكيتها إلى إمبراطورية عائلة فتوش اللبنانية وشركائها، وفي مقدمتهم رجل الأعمال بيار فتوش، شقيق الوزير السابق وعضو مجلس النواب اللبناني نقولا فتوش.

ويتمتع فتوش، الملقب بـ “ملك الكسارات” في لبنان، بعلاقات قوية مع شخصيات بارزة في النظام وخاصة رئيس مكتب “الأمن الوطني”، علي مملوك، إذ عقد معه شراكات عديدة في جبال لبنان الحدودية مع سوريا بحسب مواقع لبنانية.

وتعتبر لبنان واحدة من الدول التي تسعى إلى الدخول في سوق إعادة الإعمار في سوريا والحصول على نصيبها، خاصة وأن النظام وحلفاءه سيكونون غير قادرين على تمويل العملية في ظل تقديرات البنك الدولي التي تشير إلى أن تكلفة العملية تبلغ أكثر من 180 مليار دولار.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة