الذبحة القلبية.. حالة خطيرة لا يجب تجاهلها
د. أكرم خولاني
الذبحة القلبية، أو الذبحة الصدرية، أو خناق الصدر، كلها تسميات لنفس الحالة المرضية التي تتظاهر بألم وضغط على الصدر نتيجة مشكلة في عضلة القلب، وقد كانت هذه الحالة شيئًا خطيرًا جدًا فيما مضى، لكن مخاطرها تراجعت كثيرًا في السنوات الأخيرة، نتيجة تطور العلاج، إضافة لازدياد وعي الناس عن مخاطر وأعراض هذا المرض، وبالتالي ازداد حرصهم على تجنب الإصابة عن طريق تغيير نمط الحياة واتباع نظام غذائي صحي والتعامل مع الضغوط النفسية بشكل صحيح إضافة لممارسة الرياضة.
ما المقصود بالذبحة القلبية
هي حدوث ألم أو عدم ارتياح في الصدر مع مجموعة من الأعراض الأخرى التي تصيب المريض نتيجة عدم كفاية الأكسجين والغذاء الواصل إلى عضلة القلب، بسبب ضعف تدفق الدم في الشرايين التاجية (الإكليلية) المغذية لعضلة القلب، وتكمن خطورتها في أنها قد تكون مقدمة لحدوث نوبة قلبية ينتج عنها تأذي عضلة القلب (احتشاء) أو حدوث الوفاة.
تصيب الذبحة القلبية حوالي 1.6 % من الناس حول العالم، وتكون نسبة إصابة الرجال أكثر منها للنساء قبل سن الـ 55 عامًا، ثم تتقارب نسب إصابة الرجال والنساء بعد ذلك لتصبح شبه متساوية، ويزداد انتشار الذبحة القلبية مع ارتفاع الجيل، حيث يبلغ متوسط عمر الظهور 62.3 سنة.
كيف تتظاهر الذبحة القلبية؟
تختلف أعراض الذبحة من مريض لآخر، كما تختلف الأعراض نفسها من حيث شدتها من مريض لآخر أيضًا، فمثلًا تكون عند مرضى السكري وعند كبار السن أقل وضوحًا منها عند غيرهم، وتشمل الأعراض:
الألم في الصدر أو الإحساس بعدم راحة في الصدر هما العرضان الأساسيان المميزان للذبحة القلبية، ويوصف الألم بأنه ضاغط، أو إحساس بالعصر، خلف عظم القص في مركز الصدر، ومعظم المرضى يصفونه بأنه شعور بوجود وزن ثقيل موضوع على الصدر كالصخرة أو البلاطة، من الممكن أن ينتقل هذا الألم إلى الذراع، الكتف، الرقبة، الحنك، الأسنان، أو إلى الظهر بين لوحي الكتفين.
وقد تحدث أعراض إضافية مثل الغثيان، ضيق التنفس، التعب، التعرق الشديد البارد، الدوخة، القلق والارتباك، حالة من عسرة الهضم.
وتصنف الذبحة القلبية إلى صنفين أساسيين:
- ذبحة قلبية مستقرة: هي النوع الأكثر انتشارًا، وتشير إلى الذبحة الكلاسيكية المتعلقة بإقفار (نقص تروية) عضلة القلب، وتظهر على شكل ألم في الصدر عند زيادة النشاطات البدنية أو زيادة الجهد و التوتر أو تناول وجبة ثقيلة أو الخروج في الجو البارد، تستمر لعدة دقائق وتختفي بعد الراحة أو بعد تناول دواء نيتروغليسيرين تحت اللسان الذي يرخي الأوعية الدموية ويخفض الضغط ويهدئ عضلة القلب.
- ذبحة قلبية غير مستقرة: وتسمى أيضًا المتلازمة الإكليلية الحادة ACS، وتحدث حتى في وقت الراحة، وتكون مفاجئة وغير متوقعة، وهي أخطر وتمتد وقتًا أطول من الذبحة المستقرة، إذ قد تستمر لمدة 30 دقيقة، كما أنها لا تختفي بالضرورة بعد الخلود إلى الراحة أو بعد تناول الأدوية، وتعتبر حالة طوارئ إذ قد تؤدي إلى نوبة قلبية وربما الوفاة.
وهناك نوع ثالث يسمى الذبحة المتغيّرة، ويسمى أيضًا الذبحة الوعائية التشنجية، ويسمى ذبحة برنزميتال، وهي حالة نادرة تشكل 2% من الحالات، غالبًا ما تشاهد عند الشباب، وعادة ما تظهر أثناء الراحة، خاصة في الليل والساعات الأولى من الصباح الباكر، وتزول على استخدام الأدوية، وتحدث نتيجة تشنج في شريان تاجي.
ما أسباب حدوث الذبحة القلبية؟
يشكل تضيق الشرايين التاجية السبب الرئيسي لحدوث الذبحة القلبية، وينتج عن تراكم الدهون والكوليسترول على جدران الشرايين التاجية مشكلة ما يسمى باللويحات العصيدية، والذي يبدأ في عمر مبكر قبل مرحلة البلوغ، وعندما يصل التضيق إلى أكثر من 50% من عرض الشريان تبدأ الأعراض بالظهور.
السبب الآخر هو تصلب الشرايين التاجية، والذي يحدث مع التقدم بالعمر، كما يزيد من نسبة حدوثه ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم (التصلب العصيدي).
أحيانًا تتمزق اللويحات العصيدية المتراكمة في الأوعية الدموية، أو ربما تشكل خثرة دموية (جلطة)، أو يصل التضيق لحد يزيد عن 90%، وهذا يؤدي لحدوث انسداد سريع في الشريان المتضيق، أو قد تقل أكثر كمية الدم المتدفقة من خلاله، ونتيجة لذلك يحصل نقص فجائي وحاد في كمية الدم المتدفقة إلى عضلة القلب.
وفي حالات نادرة جدًا تحدث الذبحة نتيجة تشنج شريان تاجي، ما يؤدي لإقلال تدفق الدم عبره، ومن الأسباب التي تؤدي إلى تشنج الشرايين: التعرض للبرد الشديد، الضغط النفسي، التدخين، الكوكائين، بعض الأدوية المضيقة للأوعية.
ما عوامل الخطورة التي تزيد من احتمال الإصابة بالذبحة القلبية؟
- ارتفاع مستوى الكوليسترول منخفض الكثافة LDL في الدم والمسمى بالكوليسترول الضار، وارتفاع مستوى الشحوم الثلاثية TG، واللذين يتراكمان ضمن الأوعية، وانخفاض مستوى الكولسترول مرتفع الكثافة HDL المسمى بالكوليسترول المفيد لأنه يساعد على التخلص من الكوليسترول الزائد وبالتالي إنقاص فرص الإصابة بالذبحة.
- ارتفاع ضغط الدم عن 140/75 ملم زئبقي، لما يسببه من عدم انتظام في تدفق الدم داخل الشريان، ما يسبب تغيرات داخل بطانة جدار الشريان وربما يؤدي إلى تمزق اللويحة العصيدية وانطلاقها مع الدم مؤدية لحدوث أزمة قلبية، كما أنه يزيد من تصلب الشرايين التاجية، كذلك يزيد من عمـل البطين الأيسر ويؤدى إلى تضخمه وزيادة حاجته للأوكسجين.
- التدخين، يساعد على تراكم الكوليسترول، كما يؤدي إلى زيادة نسبة التصاق الصفائح الدموية في الدم، ويؤدي إلى تقلص الشرايين بسبب النيكوتين الذي له تأثير قابض قوي، كما يؤدي إلى انخفاض نسبة الأوكسجين نتيجة استنشاق أول أكسيد الكربون الموجود في السجائر.
- قلة النشاط البدني، يرتبط بارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم.
- البدانة، ترتبط بارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى الكوليسترول، وحدوث داء سكري.
- الداء السكري، يزيد مستوى الشحوم في الدم ويساعد على تراكمها ضمن الأوعية.
- التوتر النفسي، يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
- شرب الكحول، يؤدي لارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستوى الشحوم الثلاثية.
- إصابة أحد أفراد العائلة بأمراض القلب الشريانية، إذ قد يكون هناك جينات تزيد من حدوث الإصابة.
كيف يتم تشخيص الإصابة؟
يعتمد التشخيص على أخذ قصة مرضية مفصلة وإجراء فحص سريري دقيق، ويشتبه بالإصابة بالذبحة القلبية عند الأشخاص الذين يشعرون بعدم الراحة، ضيق أو ثقل في الصدر خلف القص أو في الجانب الأيسر وينتشر إلى الذراع الأيسر أو الرقبة أو الفك أو الظهر، ويرتبط بالجهد المبذول أو التوتر العاطفي، ويشتد بعد الطقس البارد أو الطعام، مع الانتباه إلى أن بعض الناس يعانون من أعراض غير نموذجية كالغثيان، والانزعاج الشرسوفي أو التجشؤ، وخاصة عند كبار السن، والنساء، والمرضى الذين يعانون من الداء السكري.
وعندها يلجأ الطبيب لإجراء بعض الاختبارات كتخطيط كهربائية القلب ECG، واختبار الجهد، ومعايرة مستويات الشحوم الثلاثية والكوليسترول والسكر في الدم، وإجراء صورة الصدر بالأشعة السينية، وتصوير صدى القلب (إيكو)، وربما إجراء قثطرة شرايين تاجية.
واعتمادًا على نتائج الفحوص والاختبارات يتم تقرير خطة العلاج المناسبة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :