أهالي دير الزور يروون رحلة النزوح وسرقات تنظيم “الدولة”
أورفة – برهان عثمان
يشتكي أهالي مدينة دير الزور من سرقات عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”، لمنازل تركها قاطنوها مع اتساع رقعة المعارك في المحافظة، وسعي قوات الأسد لطرد التنظيم من المنطقة، فيما زاد تمدد قوات الأسد وعبورها إلى منطقة شرق نهر الفرات حركة النزوح خارج المدينة خوفًا من الصدام مع التنظيم.
أجبر أبو أسامة (63 عامًا) على الخروج مع عائلته من منزله في حي الحميدية، ويقول لعنب بلدي، إنه لا يلوم أبناءه وزوجته على قرارهم، “فهم يبحثون عن مكان آمن، رغم أني كنت أتمنى أن أدفن بجوار أبي وأمي في دير الزور وألا أغادرها”.
التنظيم يُفرغ المنازل
تسارعت التطورات الميدانية في دير الزور خلال الأيام الماضية، وتقدمت قوات الأسد في محيط المدينة، وخاصة في منطقة “حويجة صكر” وقرية مراط، وغدت الأحياء التي يسيطر عليها التنظيم شبه محاصرة. |
يتحدث الرجل عن تفخيخ التنظيم لكثير من المنازل في المدينة، التي يقطن بقربها مدنيون حتى اليوم، “بسبب غياب البدائل وعدم توفر المال الكافي للنزوح”، مشيرًا إلى أن التنظيم “عمد إلى إتلاف جميع وثائقه ومحتويات مقراته، كما أصبح عناصره أكثر حذرًا من الناس ويشكون في كل شيء يحيط بهم “.
ووفق أبو أسامة وآخرين خرجوا حديثًا من دير الزور، فإن عناصر تنظيم “الدولة”، أخلوا جزءًا كبيرًا من مقراتهم ونقلوا محتواها إلى خارج المدينة، إضافة إلى تفريغ مئات المنازل ونقل ما فيها لبيعه.
خرج أبوعبد الله (32 عامًا) من مدينته قبل فترة قصيرة، ويقول لعنب بلدي إن التنظيم خفّض من مرتبات عناصره، “شاهدت بعيني عناصره يدخلون المنازل ويسرقون محتوياتها بحجة أنها تعود لمرتدين ثم يبيعونه، مردفًا بلهجة محلية “الله وكيلك ما خلو بسمار بالحيطان”.
ويقول الشاب إن معظم عناصر التنظيم غادروا المدينة مع عوائلهم، “خاصة العراقيين”، ليتضاءل عدد من بقي منهم إلى بضع مئات “بينهم مهاجرون مغاربة وآسيويون وعوائلهم”، مشيرًا إلى أن التنظيم “نقل السلاح إلى مناطق سيطرته في المحافظة خارج حدود المدينة”.
أحاديث كانت محظورة سابقًا غدت اليوم على ألسنة العناصر، وباتت حوارًا يوميًا بينهم، وفق تعبير أبو عبد الله، ويعزو السبب إلى أنهم “اكتشفوا الخدعة التي كانوا يعيشونها”، حديثٌ أكده ناشطون في المدينة، مؤكدين “الانهيار السريع للتنظيم”.
رحلة النزوح عبر النهر
بعيدًا عن تفاصيل ما يجري داخل المدينة، تتحدث زوجة أبو عبد الله (29عامًا)، عن صعوبات “كبيرة” واجهتها خلال رحلة النزوح.
وتقول لعنب بلدي “ذقنا الموت والويل”، مشيرةً إلى أنها “دفعت أكثر من مليوني ليرة سورية للوصول إلى تركيا مع عائلتها”، متضمنة تكلفة العبور المائي عن طريق العبارات التي كلفتهم حوالي 150 ألف ليرة، على حد وصفها.
“تنقلنا بين القرى من محيميدة ثم عدنا إلى الكسرة ثم قرية الحصان، وكنا نبيت ليلة في كل قرية”، وتوضح زوجة الشاب أن “المجموعة التي تنوي مغادرة أراضي التنظيم تنقسم إلى عدة مجموعات صغيرة تتوزع على منازل مختلفة كي لا يكشف أمرهم”.
يتنقل النازحون بمساعدة مهربين يتواصلون فيما بينهم عن طريق إشارات ورموز، كما تشرح الشابة، متحدثة عن “شبكات واسعة لتهريب الناس من مناطق التنظيم، تجني مبالغ طائلة من المال، وتتعامل مع بعض عناصر التنظيم الذين يسهلون الحركة ويؤمنون الخروج إلى مناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد)”.
رحلة على الدراجات النارية في الظلام ترافقها سيارات لكشف الطريق، وصفتها أم عبد الله بأنها “مجازفة”، وتختم حديثها “تركنا المهرب وسط البادية بعد أن أكد تجاوزنا لمناطق التنظيم، ما دعانا للسير أكثر من 15 كيلومترًا، لنصل إلى حواجز قسد”.
يعتبر أهالي دير الزور النازحون أن تركهم لمدينتهم، بمثابة “الخروج من المقبرة”، على حد وصفهم، ويتفقون أن سلب منازلهم وإجبارهم على النزوح “سيطوي قصصًا من دم ودموعًا وتاريخًا يجب أن يحفظ ويروى حتى لا يضيع”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :