عنب بلدي ــ العدد 119 ـ الأحد 1/6/2014
دمّرت الحرب الدائرة في سوريا معظم قطاعات الإنتاج المحلي، وخاصةً القطاع الغذائية، وفي ظل الفساد وانعدام الرقابة، ازدادت عمليات الاستيراد لتأمين حاجات السوق السورية من السلع الغذائية بشكل كبير، ما فتح الباب أمام بعض التجار لاستغلال الموقف وإدخال كميات من المواد الغذائية الفاسدة إلى الأسواق، وبأسعار رخيصة تغري غالبية السوريين لشرائها، نظرًا لأوضاعهم المعيشية الصعبة.
- فيليه السمك يسبب أمراض مسرطنة
ومن بين تلك المواد التي تنتشر في الأسواق سمك الـ «PANGASIUS» أو ما يعرف بفيله السمك، وهو فيتنامي المنشأ مُصدّر إلى السوق العربية، وتحوم الشبهات على تربيته في «أكثر أنهار العالم تلوثًا، حيث تصب فيه المجاري الصحية وترمى فضلات البشر والحيوانات إضافةً إلى الجيف، وكلها تشكل مصدرًا لتغذية الأسماك»
وللتخلص من آثار هذه المواد الملوثة تتم معالجة الأسماك بمادة الميلاكتغرين «المسرطنة» بحسب ما صرح به المحامي طارق أبو الراغب، وهو أول من فتح هذا الملف في الأردن، عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك؛ بعد أن أتلفت «هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية» 100 طن من هذه الأسماك بعد وصولها إلى ولاية «ألاباما»، إذ كشفت نتائج تحاليل العينات العشوائية التي قامت بسحبها من الشحنة وجود تلك المواد المسرطنة في 19 من أصل 21 عينة تم تحليلها.
وعن الأمراض التي تسببها تلك الأسماك يقول المحامي طارق في تصريح لقناة الجديد، أن فتح هذا الموضوع يعود إلى «تقارير طبية عن الضعف الجنسي في الوطن العربي والمنتشرة بشكل كبير، وقد تبين أن 80% من هذه الأمراض سببها هو الغذاء»، وأضاف «عندما بدأنا بفتح هذا الموضوع اكتشفنا أنّ الذي يموت من الأغذية اليوم أكثر من الذين يموتون من الحروب، وكلّ ما يعرف بالجلطة والموت المفاجئ هو بسبب هذه الأطعمة».
ولا تقتصر هذه المخالفات فقط على سمك الـ «PANGASIUS» بل تتعداه إلى أنواعٍ أخرى كالسمك مقطوع الرأس أو المعروف بالأرجنتيني، ومن المعروف أن شواطئ الأرجنتين من أكثر الشواطئ تلوثًا حول العالم، وتشير الدراسات إلى احتواء تلك الأسماء على كمية من الطفيليات تقدر بنسبة 1% من عينة وزنها كيلو غرام واحد.
- برادات فاسدة تدخل إلى سوريا
وفي هذا السياق كشف رئيس اتحاد الحرفيين بدمشق «مروان الدباس» مطلع الاسبوع المنصرم عن دخول كميات كبيرة من الأسماك الفاسدة إلى الأسواق السورية عبر لبنان، مشيرًا إلى أن هذه الاسماك قد دخلت» في برادات كبيرة وكانت تتساقط منها المياه مما يعني أن الجليد ذاب عنها، وأن روائح كريهة كانت تنبعث من تلك البرادات».
ولم يشر رئيس اتحاد الحرفيين عن تفاصيل تلك الشاحنات، ولا عن الجهات التي سمحت بدخولها، رغم من أن جميع المعابر الحدودية مع لبنان خاضعة لسيطرة الحكومة، مما يشير إلى تقصير نظام الأسد في جمع البيانات المتعلقة بهذه القضية التي تشمل السلع الغذائية كافة، وليس الأسماك فقط، باستثناء بعض التصريحات الإعلامية عن مصادرة كميات من المواد الغذائية الفاسدة، كمصادرة 50 طنًا من الأسماك الفاسدة في نيسان الماضي.
- انخفاض الانتاج المحلي والاعتماد على الاستيراد
وتصاعد الاعتماد على الأسماك المستوردة في السنوات الأخيرة مع تدهور الإنتاج المحلي بشكل يهدد الثروة السمكية السورية بالانقراض الحقيقي، فالإنتاج انخفض من 17 ألف طن العام 2009 إلى ما لا يزيد عن 6 آلاف طن خلال السنوات الثلاث الماضية حسب الأرقام الحكومية الصادرة في آذار الماضي.
هذا التدهور بالإنتاج مردّه إلى أسباب عدة، لعلّ أبرزها تراكم سياسات الإهمال الحكومية، والتي لم تولِ أي اهتمام بتقديم الدعم المناسب لمربي وصيادي الأسماك، والذين ارتفعت تكاليف أدوات صيدهم، إضافة إلى غلاء المحروقات وعدم توفر الأعلاف لأحواض الأسماك.
بالإضافة إلى اشتداد العمليات العسكرية، في أبرز المناطق المنتجة للأسماك كحمص وسهل الغاب في حماة والرقة، حيث تدمر إنتاج سهل الغاب الذي كان ينتج 40% من إجمالي الإنتاج السوري بعدما شهدت المنطقة عمليات عسكرية كبيرة، أما في حمص التي كانت تنتج 600 طن سنويًا، فقد أشارت الأرقام الحكومية لتراجع الإنتاج إلى الثلث فقط بسبب الحرب، والحال ذاته في الرقة التي يكاد ينعدم إنتاجها الآن بعد أن كانت تنتج سنويًا ما يتجاوز2000 طن.
- آراء المواطنين
وفي استطلاع لآراء المواطنين حول هذه الأسماك ينوّه محمد، وهو موظف ولديه ثلاثة أطفال، في حديثة لعنب بلدي إلى انخفاض سعر هذا النوع من الأسماك «لم أجد خيارًا أمام إلحاح أطفالي لتناول السمك، إلا بالبحث عن نوع رخيص يتناسب مع راتبي … وبعد بحث وجدت ضالتي في السمك الأرجنتيني مقطوع الرأس بسبب رخص ثمنه ومذاقه الجيد، إذ يبلغ سعر الكيلو الواحد منه 600 ل.س»، بينما يتساءل المهندس سالم عن كيفية سماح الجهات الرقابية في حكومة الأسد لمثل تلك الأسماك بالدخول إلى سوريا، مضيفًا “صحة المواطن آخر ما يهم حكومة النظام».