عنب بلدي ــ العدد 119 ـ الأحد 1/6/2014
خورشيد محمد – الحراك السّلمي السّوري
- وإذا ذُكّروا
وأنت تقرأ القرآن، هل شعرت أن كل آية تمسك بتلابيب الأخرى كبنيان مرصوص، لا تقديم أو تأخير، ولا حذف أو إضافة؟ هل شعرت بالحماس وكتبت آية على حائطك، ثم كتبت التي تليها فالتي تليها حتى امتلأت الصفحة، ثم شعرت أن الناس لن تقرأ المنشور لطوله ولتوفر القرآن بين أيديهم وزهدهم فيه. هل حاولت أن تضع بعض التفسير والتوضيح لتجعل الآيات مرتبطة بالحياة اليومية وواقع القارئ ثم شعرت بالهوة الواسعة بين شعورك وكلماتك المكتوبة. هل شعرت بأي من ذلك أو كله؟! إذًا أنت من الذين لم يخرّوا على آيات الله صمًا وعميانًا! {وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا} (سورة الفرقان، 73)
- ولا تمنن تستكثر
لنذكر مرّة أخرى ضرورة عدم المزاودة على بعضنا البعض في أي شيء، وعدم تصنيف الناس بحسب عدد الشهداء في عائلتهم، أو عدد المسجونين والمعتقلين، وإنّما بحسب الجهد الذي يبذلونه وفق الإمكانيات المتاحة لهم. {وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ} (سورة التوبة، 79). ولنحذر أن يتحوّل تطفيفنا إلى نوع من السخرية الضمنية فيسخر الله منّا. إذا لم يعمل الطبيب مات المرضى، وإذا لم يعمل عامل التنظيفات مات الناس كلهم من التعفن والأوساخ. وهذا لا يجعل الطبيب أفضل من عامل التنظيفات أو العكس. كلنا في ميدان واحد وعلى خط دفاع واحد. دورنا متكامل ونحن كالبنيان يشد بعضه بعضًا. من جاهد فإنما يجاهد لنفسه، لا منّة لأحد. من يمنن سيستكثر عمله، ومن ثم يتجمد ويتوقف عن النمو ولذلك تلتها الآية «ولربك فاصبر» في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (سورة المدثر، 1-7). اللهم أبعدنا عن الرجز، رجز الطائفية، رجز الحسد، رجز الانتقام للنفس، رجز العنف والفرقة، أبعدنا عن المنّ والاستكثار وعلمنا الصبر والمثابرة.